إنهم توسعوا في سياسة هذا الباب المفتوح فقد ورد عن الإمام مالك أيضاً (في الجزء المذكور صفحة ١١) في حق الروم ينزلون بساحل المسلمين بأمان معهم التجارات فيبيعون ويشترون ثم يركبون البحر راجعين إلى بلادهم فإذا أمعنوا في البحر رمتهم الريح إلى بعض بلدان المسلمين غير البلاد التي كانوا أخذوا فيها الأمان. قال مالك: أرى لهم الأمان أبداً ما داموا في تجرهم حتى يرجعوا إلى بلادهم ولا أرى أن يهاجموا.
وأفتى بأن الذمي إذا أسره المحاربون المسلمين ثم غنمه المسلمون فلا يكون فيئاً بل ترجع له حريته كما كانت ويردّ إلى ذمته وأهله وماله. وقد قرر أيضاً بأن أموال أهل الذمة وأموال المسلمين سواء غنم المحاربون شيئاً من أموال الفريقين ثم تغلب المسلمون وغنموا هذه أموال في جملة مغانمهم وأدركها صاحبها قبل القسمة سواء كان مسلماً أو ذمياً كان هذا أولى بها بغير شيء وإذا أدركها بعد القسمة أخذها بالثمن وإن عرف أهل الإسلام أنها أموال أهل الذمة لم يقسموها في الغنيمة ويردونها إليهم إذا عرفوها فمثلهم في ذلك مثل المسلمين سواءٌ بسواء. (راجع المدونة في الجزء المذكور صفحة ١٣ و١٤).
ورأيت في كتاب الذخائر الشرقية في ألغاز الحنفية المطبوع على هامش كنز البيان صفة ١٢٦: إذا ماتت أم الولد وهو رضيع فأعطاه أبوه ليهودية ترضعه مع ابن لها وغاب أبوه وماتت اليهودية واشتبه الحال أيهما ولد المسلم ولم يحصل التمييز بوجه وبلغا على اليهودية فابن المسلم مسلم تبعاً وقد ارتد ولا يلزم أحدهما بالإسلام للاشتباه فأحدهما مرتد ولا يلزم بالإسلام لعدم تعيينه. وفيه أيضاً أنه إذا كان للعدو حصن وفيه واحد من أهل الذمة لا يعرف وقد افتتحه المسلمون عنوة ولم يؤمنوا من فيه لا يحل لهم قتلهم بسبب هذا الذمي الواحد الذي لا يمكن تعيينه وذلك لقيام المانع بطريقة يقينية وهو وجود رجل غير معين له ما للمسلمين وعليه ما عليهم وله في عنقهم عهد وذمة.
ولا يلزم اليهودي بالحضور إلى مجلس القضاء في يوم السبت إلا اضطراراً بحيث لا يكون المقصود إيقاع الضرر به تعمداً بهذه الوسيلة ومن المقرر أيضاً أنه إذا دعت الحال لتغليظ اليمين فيكون ذلك في المحل المعظم وهو المسجد الجامع للمسلم ولا يقوم مقامه مطلق مسجد ويحلف اليهودي في بيعته والنصراني في كنيسته والمجوسي في بيت النار