ونقائص المجتمع صراحة أو تعريضاً وإطلاقه العنان لأمثال التناسل الغريب الخ.
وكتب إلينا أحد علماء دمشق يقول: استغرب المحققون ذكرك قصة المتنبي في باب التناسل الغريب إذ لم يعلم أن للمتنبي أكثر من ولد أو ولدين على شهرة أحواله فإما بيان المأخذ وإما إصلاح الغلط. وإذا قرأت ترجمته إلى آخرها في ابن خلكان يتضح لك ذلك بأجلى برهان. ثم أن مجلتك لا يليق بها أن تعدل عن جادة الجد وخلو الغرض وقتاً من الأوقات فاستعمالك لألفاظ يستشم من خلالها ريح التعريض والاستهزاء غير جائز مثل الفقاقيع الفارغة وما ذكرته في وصف الشعراء المحدثين عند بحثك عن دواء الأرق. ويا حبذا لو ضربت صفحاً عن نفاضة الجراب وإن راقت الأكثرين لأن الغاية تعليم وتهذيب وترقية عقل. قيل للإمام علي كرم الله وجهه لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين فقال: الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة. وكذلك نحن الآن في دور جد وعمل لا دور هزل وفكاهة. . .
وصحح لنا عالم اجتماعي ف بدمشق بعض أغلاط فقال: جاء في الصحيفة ٧٤ أمطرت رماداً فانكشفت للحال مدينتان رومانيتان كانت مدفونتين والصواب أن يقال فتغطت للحال مدينتان رومانيتان كانتا مكشوفتين لأن البركان غطى حينئذ المدينتين بالحمم والرماد ولم تكشفا إلا من عهد قريب. ومنها ما جاء في الصحيفة ٨٠ خلقوا أولادكم بغير أخلاقكم والصواب لا تكرهوا أولادكم على التخلق بأخلاقكم الخ. ومنها في صحيفة ٧٨ الإنجيل والمكاتبات والنصارى يقولون الإنجيل والرسائل. ومنها في صحيفة ١١٠ التحبيز والصواب التمييز.
ونختم هذا الفصل بقطعة من رسالة لصديقنا الأمير شكيب أرسلان قصد فيها الدعابة الأدبية واعدين أن تلم في فرصة أخرى بما تجود به قرائح المفكرين من نقد هفواتنا قال الأمير سامحه الله: وآنست في نفسك انشراحاً ونشاطاً، وقلة في كمية السوداء وانحطاطاً، يدل على ذلك في مجلتك فكاهات رويتها، ومداعبات أثرتها، وأسجاع ملت إليها، متى كنت يا محمد مولعاً بالسجع عهدي بك لا تطيقه وإذا مررت بالجناس ولو تمثل لك واقفاً رفسته برجلك وأكببته لوجهه. وطالما نقمت علينا التسجيع، وأقمت علينا من النكير بعدد أنواع البديع، وعددت سجع الحمام، من قبل فجع الحمام، واعتبرت نفائس الجناس، من وساوس الخناس، فها أنا ذا أسجع الآن ولا حرج علي منك ولا تثريب، وأجنس وأنت ساكت ساكن