للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متبرجات ويتظاهرن بأنهن لا يصرفن في التبرج أوقاتاً كثيرة مع أن أكثر أوقاتهن تصرف في إعداد معدات التبرج وما شأنهن في ذلك إلا شأن أولئك الشعراء الذين يحذفون ويثبتون من قصائدهم عشرين مرة ثم يدعون أنهم ارتجلوها ارتجالاً. ولطالما تحمل النساء صنوف الأوجاع في سبيل ما يورثهن بهجة ويعددنه من آيات التبرج مثل أولئك الصينيات اللائي يضعن أرجلهن في قوالب خاصة ليصغر حجمها ولكن ذلك يورثهن أمراضاً وإصابات أقلها أنهن يمشين قفراً مشية الكركي الأشل. وكذلك النساء في شبه جزيرة ملقة فإنهن يرين من آيات الجمال أن يكون عنق المرأة طويلاً فصنعن لذلك كلابات يضعن فيها رؤوسهن ليورثن بذلك طولاً لأعناقهن حتى تصير كأعناق الزرافة. والنساء الزنجيات في غانية الجديدة وبريطانيا الجديدة في المحيط الكبير يقعلن أسنانهن ليظهرن أكثر جمالاً بزعمهن بل أن النساء في تونس يطعمن الأرز ليصبحن كالأوز السمين بحيث لا يستطعن الحركة وكذلك نساء الإفرنج يتحملن كل مشقة في سبيل وضع المشد على خصورهن. وعلى كثرة تحذير الأطباء لهن عاقبة ضغط المشد ما برح أكثر النساء يستعملنه ويصبن بأمراض الكبد وتشوه الجسم وأحياناً يفضي بهن إلى الموت وهن لا ينتهين بل يصبرن على آلام المشد صبر أيبوب على بلواه ويكدن لا يتنفسن طول ليلة بأسرها وهن مع الرجال في الأندية. كل هذا مما يستدل به على ضبط النساء لهواهن وقمعن أنفسهن.

وهذا استنتج بأن التبرج مطلوب للنساء وأنهن في حل مما يقمن به ولأأنهن كن قبل ستمائة سنة لا يقرأن ولا يكتبن في أوروبا ومع هذا كن يعنين بالتبرج ولهن فيه أساليب اخترعنها وتقلبن فيها بحسب الأزمان شأن النساء الموغلات إلى اليوم في التوحش من الأمم فإنك تراهن قد يغيرن أساليب التبرج وإن كانت آنيتهن وماعونهن وخرثيهن على الصورة الأصلية.

فالتبرج ضروري للاجتماع يورثه بهجة ونشأة ولولا النساء وتبرجهن ما تجلت لعينيك البيوت والقصور ذات بهجة فالنساء بتبرجهن يدخلن السرور على القلوب والنظام على الأماكن وإذا قارنت بين بيت لا نساء فيه يزدنه بهجة ويزينن غرفه ومقاعده وحوائطه وبين دير ليس فيه إلا الضروريات من لوازم الحياة تجد الفرق بين التبرج وعدمه وزينة النساء ونقيضها مثل الشمس ظاهراً فالتزين والتبرج مطلوبان على كل حال في حياتنا