من شكره فيه ما قد آدني بثقل حمل النعم السالفة إلي به المقرونة سراؤها في العجب بتارات ما يدركني به من رقة الشفقة عليه مخافة مجاذبة المنايا إياه ووجلاً من عواصف الأيام عليه.
فأسأل الله الذي امتن علينا بحسن صنعه في الأرحام تأديبه بالزكاء وحرسه بالعافية أن يرزقنا شكر ما حملنا فيه وفي غيره وأن يجعل ما يهب لنا من سلامته والمدة في عمره موصولاً بالزيادة مقروناً بالعافية محوط من المكروه فإنه المنان بالمواهب والواهب للمنى لا شريك له. حملني على الكتاب إليك لعلم ما سررت به علمي بحالك فيه وشركتك إياي في كل نعمة أسداها إلي ولي النعم وأهل الشكر أولى بالمزيد من الله جل ذكره والسلام عليك.
وكتب عبد الحميد عن هشام بن عبد الملك إلى يوسف بن عمر وهو باليمن في السلامة:
فإن أمير المؤمنين كتب إليك وهو في نعمة الله عليه وبلائه عنده في ولده وأهل لحمته والخاص من أموره والعام والجنود والقواصي والثغور والدهماء من المسلمين على ما لم يزل ولي بالنعم (؟) فتولاه من أمير المؤمنين حافظاً له فيه ومكرماً له بالحياطة لما ألهمه الله فيه من أمر رعيته وعلى أعظم وأحسن وأكمل ما كان يحوطه فيه ويذب له عنه والله محمود مشكور إليه فيه مرغوب. أحب أمير المؤمنين لعلمه بسرورك به أن يكتب إليك بذلك لتحمد الله عليه وتشكره به فإن الشكر من الله بأحسن المواضع وأعظم المنازل فازدد منه تزدد به وحافظ عليه وتحفظ به وارغب فيه يهد إليكم مزيد الخير ونفائس المواهب وبقاء النعم فاقريء على من قبلك كتاب أمير المؤمنين إليك ليسر به جندك ورعيتك ومن حمله الله النعم بأمير المؤمنين ليحمدوا ربهم على ما رزق الله عباده من سلامة أمير المؤمنين في بدنه ورأفته بهم واعتنائه بأمورهم فإن زيادة الله تعلو شكر الشاكرين والسلام.
ولعبد الحميد إلى مروان في حاجة:
إن الله بنعمته علي لما رزقني المنزلة من أمير المؤمنين جعل معها شكرها مقروناً بها فهي تنمي بالزيادة والشكر مصاحب لها فليست تدخلني وحشة من أبناء حاجتي وأنا أعلم أنه لو وصل على أمير المؤمنين علم حالي أغناني عن استزادته ولكني تكنفتني مؤن استنفضت ما في يدي وكنت للخلف من الله منتظراً فإني إنما أتقلب في نعمه وأتمرغ في فوائده