للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولابن المقفع شعر قليل ولكنه جيد نقل له صاحب الحماسة ثلاثة أبيات يقال أنه رثى بها يحيى بن زياد وقال الأخفش والصحيح أنه رثى بها ابن أبي العوجا وهي:

رزئنا أبا عمرو ولا حيّ مثله ... فلله ريب الحادثات بمن وقع

فإن تك قد فارقتنا وتركتنا ... ذوي خلة ما في انسداد لها طمع

لقد جر نفقاً ففقدنا لك أننا ... آمنا على كل الرزايا من الجزع

قال ثعلب البيت الأخير يدل على أن مذهبهم في أن الخير ممزوج بالشر والشر ممزوج بالخير ـ فتأمل.

ومما يذكر عن ابن المقفع ما رواه صاحب الأغاني وغيره قال حدثني اليزيدي قال حدثني عمي عبيد الله قال حدثني أحمد قال سمعت جدي أبا محمد يقول: كنت ألقى الخليل ابن أحمد فيقول لي أحب ن يجمع بيني وبين عبد الله بن المقفع فجمعت بينهما فمر لنا أحسن مجلس وأكثره علماً ثم افترقنا فلقيت الخليل فقلت له يا أبا عبد الرحمن كيف رأيت صاحبك قال: ما شئت من علم وأدب إلا أني رأيت علمه أكثر من عقله. ثم لفيت ابن المقفع فقلت له: كيف رايت صاحبك: قال ما شئت من علم وأدب إلا أن عقله أكثر من علمه. وقال المرتضى أن من جمعهما كان عباد بن عباد المهلبي فتحادثا ثلاثة أيام ولياليهن.

قال الأصمعي: قيل لابن المقفع من أدبك قال: نفسي إذا رأيت من غيري حسناً أتيته وإن رأيت قبيحاً ابيته. ودعاه عيسى بن علي للغداء فقال: أعز الله الأمير لست يومي للكرام أكيلاً قال: ولم؟ قال: لأني مزكوم والزكمة قبيحة الجوار مانعة من عشرة الأحرار. ومن كلامه شربت من الخطب رياً ولم أضبط لها روياً ففاضت فلا هي نظاماً وليس غيرها كلاماً.

ومما يؤثر عنه وهو ما يدل على رأيه في الإنشاء أنه قال لبعض الكتاب: إياك والتتبع لوحشي الكلام طمعاً في نيل البلاغة فإن ذلك هو العي الأكبر. وقال لآخر: عليك بما سهل من الألفاظ مع التجنب لألفاظ السفلة. وقيل له ما البلاغة فقال: التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يحسن مثلها.

وفي البيان والتبيين عن إسحق بن حسان بن فوهة أنه قال: لم يفسر البلاغة تفسير ابن المقفع أحد قط. سئل ما البلاغة قال: البلاغة اسم جامع لمعان تجري في وجوه كثيرة. فمنها