أستاذه بمثل ذلك ثم استحصل نسخة ثالثة وأخذ يحفظها سراً ولما أتى عليها حمل النسخة إلى معلمه وقال له: لك أن تحرق هذه كما حرقت أختيها لأني لا حاجة بي إليها.
وقال الكاتب الفرنسوي سان أفرموند (١٦١٣ ـ ١٧٠٣) أن رواية دون كيشوت لسرفانتس هي من المصنفات التي أستطيع تلاوتها طول عمري دون أن أمل ساعة وكنت أود أن أكون مؤلف دون كيشوت من بين جميع الكتب التي طالعتها ومن رأيي أنه ليس من كتاب يساعد كثيراً على تحسين ذوقنا في كل الأمور مثله. ويظهر أنه كوفيدو من حذاق المؤلفين وأني لأعتبره زيادة لأنه أراد أن يحرق جميع كتبه عندما قرأ دون كيشوت وكان يؤثر لو لم يؤلفها قال ثم إني رأيت مما يلذني طول حياتي كتب مونتين وأشعار مالريب وفاجعات كورنيل ومصنفات فواتور.
سئل الشاعر بوسويه (١٦٢٧ ـ ١٧٠٤) عن المصنفات التي يتمنة لو قدر له أن يؤلف مثلها فقال كتاب الرسائل الولايات لباسكال وكان يؤثر شعر هوراس وكان بوالو (١٦٣٦ ـ ١٧١١) يجعل لشعر هوراس المقام الأول ثم لتيرانس ويفضل مشاهير القدماء على مشاهير المحدثين ما خلا باسكال فإنه عده في مصاف العظماء وكانت مكتبة لايبنر الفيلسوف الألماني (١٦٤٦ ـ ١٧١٦) عبارة عن مصنفات أفلاطون وأرسطو وبلوتارك وسكتوس أمبيريكوس وإقليدس وأرخميدس وبلين وشيشرو وسنينك وقد درس منذ نعومة أظفاره اللغات القديمة وآثر التوفر على الأخذ من الشاعرين تيت ليف وفرجيل حتى أنه كان في شيخوخته يسمعك ما قاله فرجيل بالحرف الواحد.
وكان مونتسكيو (١٦٨٩ ـ ١٧٥٥) جعل قراءة كتابات تاسيت هجيراه وقال من نفسه: إني لأعترف أن ذوقي أن ذوقي في القدماء وأن الزمن القديم يبهجني وأنا أقول أبداً ما قاله بلين أنكم يا هؤلاء تذهبون إلى آثينة فاحترموا الأرباب. وكان يحتفل من وراء الغاية بكتاب تليماك كما يأنس بكتب آسيل وأربيد وسوفقلس وبلوتارك وأرسطو وأفلاطون وشيشرون وسويتون وفرجيل ويختار من المحدثين كربيليون ومونتين ولاروشفوكولد ويعتقد أن أعظم الشعراء أفلاطون ومالبرنش وشافتز بوري ومونتين.
وكنت ترى على منضدة فولتير (١٦٩٤ ـ ١٧٨) رواية أتالي لراسين وكتاب الصوم الصغير لماسيليون وقال الفيلسوف ديدرو الفرنسوي (١٧١٣ ـ ١٧٨٤) في كلامه على