وهكذا تجد ضروباً من المنية في تاريخ هذا القسم الصغير من الأرض فقد قتل أبو الجيش أحمد بن طولون أخاه المسمى بالأمين خنقاً بماء مغلي حتى مات. وقتل نصر بن أحمد صاحب خراسان أخاه زكريا بعصر خصاه. وقتلت أم خالد بن يزيد بن معاوية زوجها مروان بن الحكم أبو عبد الملك بأن أمرت خدمها أن يضعن المخاد على فمه حتى مات. وكم من رجل سم في كمثرى أو رمي الزئبق في أذنه أو فصد بمبضع مسموم قيل أن أحمد بن الموفق ابن أخي المعتمد بن المتوكل قتل عمه في حفرة ملأها من ريش ورماه فيها فمات بها. وقتل الشهاب السهروردي جوعاً. وألقي رفيع الدين الجبلي من أعلى مغارة في بعلبك فتعلق في بعض جوانبه فبقي المبصرون ذلك يسمعون أنينه نحو ثلاثة أيام وعذب أعوانه وكان قاضي قضاة دمشق.
ولما غضب الراضي على الوزير أبي علي بن مقله سلمه إلى الوزير أبي علي عبد الرحمن بن عيسى فضربه بالمقارع وأخذ خطه بألف ألف دينار فجرت عليه منه من المكاره والتعليق والضرب والوهق أمر عظيم وقطعت يده اليمنى وكان يقول في سجنه يد خدمت بها الخلافة ثلاث دفعات لثلاثة خلفاء وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص ثم زيد في إخفائه وجعل في محبس وقطع لسانه.
ولما خرج المصعب بن الزبير في عهد عبد الملك بن مروان في العراق سنة ٧١ ورأى تحيز الجفرية لعبد الملك أرسل إليهم فنسبهم وسبهم قال ابن جرير ثم ضربهم مائة مائة وحلق رؤوسهم ولحاهم وهدم دورهم وصهرهم في الشمس ثلاثاً وحملهم على طلاق نسائهم وجمر أولادهم في البعوث وطاف بهم في أقطار البصرة وأحلفهم أن لا ينكحوا الحرائر.
ولما دخل مراكش مأمون الموحدين إدريس بن يعقوب أمر بتقليد شرفاتها بالرؤوس فمتها على اتساع الساحة. ولما استولى الغز على نيسابور أخذوا أبا سعد محي الدين النيسابوري ودسوا في فمه التراب حتى مات. وقبض عز الدولة بن بويه على وزيره ابن بقية وسمل عينيه ولما ملك عضد الدولة طلبه وألقاه تحت أرجل الفيلة فلما قتل صلبه. وكان الوزير ابن الزيات قد اتخذ تنوراً من حديد وأطراف مساميره المحدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال في أيام وزارته وكان يعذب فيه المصادرين وأرباب الدواوين والمطلوبين بالأموال فكيفما انقلب واحد منهم أو تحرك نمن حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه