قيل أن وضع قدميه بين خشبتين وعصرهما حتى انقصفتا ثم رفع الخشبتين إلى ساقيه وعصرهما حتى انقصفتا ثم إلى وركيه ثم إلى صلبه فلما انقصف مات. وقال المقري دخل السلطان أبو الحسن سجلماسة عنوة على أخيه السلطان أبي علي عمر سنة ٧٣٤ وجاء به في الكبل لفاس ثم قتله بالفصد والخنق.
ولقد كان رؤساء الناس وولاة الأمر منهم هم الذين لا يبالون بإرهاق النفوس وإزهاق الأرواح وكثيراً ما يكون ذلك لغير سبب سوى الطيش والجهالة وكان بعضهم يلتذ بإراقة الدماء مثل المعتضد بالله العبادي أحد ملوك الأندلس الذي دانت له الملوك من جميع أقطارها وكان قد اتخذ خشباً في ساحة قصره جللها برؤوس الملوك والرؤساء عوضاً عن الأشجار التي تكون في القصور وكان يقول: في مثل هذا البستان فليتنزه. وهو من الملوك الذين هابهم القريب والبعيد خصوصاً بعد أن قتل ابنه وأكبر ولده المرشح لولاية عهده صبراً لأن ابنه كان يريد الوقيعة به.
قال لسان الدين وكان المعتضد بالله ابن عباد أبعد ثوار الأندلس صيتاً وأشدهم بأساً وأنجحهم أثراً جمع خزانة مملوءة برؤوس الملوك البائدين بسيفه وكانت وفاته سنة إحدى وستين وخمسمائة.
وفي رواية المقري أن بني الأحمر لما ظفروا بأعدائهم من ملوك الإفرنج في الأندلس سلخوا دون بطرة وحشوا جلده قطناً وعلق على باب غرناطة وبقي معلقاً لسنوات. ذكر ابن سعيد أن التتار قتلوا المظفر قطز وخلعوا عظم كتفه وجعلوه في أحد الأعلام على عادتهم في أكتاف الملوك. ولما قتل مروان بن محمد الأموي استخفى عبد الحميد الكاتب بالجزيرة فغمز عليه فأخذ ودفعه أبو العباس السفاح إلى عبد الجبار بن عبد الرحمن صاحب شرطته فكان يحمي له طستاً بالنار ويضعه على رأسه حتى مات وقيل أن ابن المقفع قتله عامل البصرة للمنصور بأن جعله في تنور.
ودخل أبو الحسن الملك العادل سيف الدين وزير الظافر العبيدي قبل وزارته بزمان على الموفق أبي الكرم بن معصوم التنيسي وكان مستوفى الديوان. فشكا إليه حاله من غرامة لزمته بسبب تفريطه في شيء من لوازم الولاية بالغربية بمصر فلما أطال عليه الكلام قال له أبو الكرم: والله أن كلامك ما يدخل في أذني فحقد عليه فلما ترقى إلى درجة الوزارة