المتحدة ومما لاحظوه ملاحظة خاصة في تقريرهم تأثير التربية التي تربيها النساء الرجال وأثرها المدهش في المجتمع الأميركي ونعني بهذا التأثير قلة أخلاق الرجولية فيه وما كانت ملاحظة تلك اللجنة هي الأولى من نوعها بل أن غير الأميركيين كثيراً ما كانوا يدهشون مما يبدو لأنظارهم من هذا القبيل.
رجال الأميركان يعنون من وراء الغاية في المحافظة على الست وثلاثين ألف قاعدة في مصطلحات المدنية الاجتماعية فيبالغون في التأنق بلباسهم مبالغة مفرطة ويدققون كل التدقيق في القيام بأقل ما تقتضيه سنة الأزياء ويرققون ألفاظهم ترقيقاً يقربها أبداً من التكلف ولا ينسب ذلك غلا لتسليم مقاليد التربية للمرأة. ولو استطاع المرء أن يكون تاماً في هذا المعنى لما كان ذلك بأس بل قد يحدث كثيراً أن المبالغة في التزيي والمنافسة في الحصول على صفات الظرف الذي لم تجعله الطبيعة من خصائص الرجل تعبث بمروءته ولكن إذا كانت أخلاقه من المتانة بحيث لا تفسد رجوليتها لا تلبث الرجولية أن تزيد فيه مستقلة عن كل تأثير من تأثيرات الحضارة ولا يكون تكلف الظرف واللطف إلا ظواهر خداعة ويبعد عن درك علاقة التمدن والتجمل في الحياة الاجتماعية بحياة الأعمال. وقد أدرك بعض الأميركان نتيجة هذه التربية النسائية وسجلوا شيئاً من سيئاتها متى جاوزت حد القراءة والكتابة والحساب.
ومن سوء أثر هذه التربية في الأميركان أن الرجل يرى نفسه أحط من المرأة مهما تصنع لها ويرى من كرمها أن تعطف عليه وهكذا حتى أصبح المجتمع الأميركي أنثوياً فيه من ضروب التكلف والغرابة أشكال وألوان.