للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كنا كلنا نقوم بالواجب علينا لبطلت الحروب بين طبقات الناس وليت شعري إذا لا تقوم المجالس البلدية بمثل ما جرأنا نحن على القيام به؟ وإن الشرح ليطول لو عددنا المدن التي أنشأها أرباب المعامل في الولايات المتحدة لعملتهم حتى أن حي العملة في شيكاغو يعد من أهم أحياء تلك المدينة الصناعية العظيمة وأجملها. ولا تنس البيوت التي أقامها بعض أرباب المعامل في فرنسا ولا سيما شركة معادن لانس فإنها أحدثت أربعة آلاف مسكن وأجرة الواحد منها ١٥٠ فرنكاً. وبعض المعامل تقرض عملتها الدراهم لابتياع أرض وبناء مسكن فيكونون في الحال مالكين لها ويختارون الهندسة التي يريدونها وبعضهم يؤجر كل بيت في الشهر من فرتك وربع إلى ثمانية فرنكات وربما أعطوه بالمجان في بعض الأحوال وقد استلف عملة منجم كرونري مليوناً وستمائة ألف فرنك لإنشاء بيوت لهم كما اقترض عملة مونسوليمين زهاء مليون.

وفي مدينة سوشار من أعمال نوشاتل في سويسرا في معمل الشكولاتا حي عظيم لعملة المعمل ومستخدميه جاءت بيوته على صور مختلفة منها ما أجرته سبعة عشر فرنكاً ونصف ومنها ما أجرته ثمانية عشر فرنكاً ونصف تدفع الشركة نصف أجرتها من عندها. ومن بيوت العملة التي استحقت الثناء مدينة فيلبرون من أعمال البلجيك في معمل الزجاج وفي مدينة ولفت في هولاندة وغيرها. وكلها بيوت إن أمعنت النظر فيها تقضي بالثناء على الكثير للساعين بها على خدمتهم الحقيقية للإنسانية والوطن والاشتراكية العملية.

وما عدا دور العملة والعناية بأمرهم تجد في أوروبا جمعيات إحسان أخذت على نفسها إنشاء بيوت رخيصة يسكنها كل فقير بدون استثناء. وقد بلغ عددها في فرنسا ٦٧ جمعية وأقدمها جمعية باريز التي أنشئت سنة ١٧٨٠ فأنشأت بيوتاً مشتركة لا يكلف السكنة فيها كل أسبوع أكثر من ثلاثة فرنكات وربع إلى سبعة وربع في مساكن فيها ثلاث غرف ومطبخ وقد استوفت شروط الراحة من هواء طلق ونور كثير ومحال يسرح فيها النظر وماء كثير طاهر يجري لمن يريد وكان للمنافسة القائمة بين تلك الجمعيات أثر مهم في نجاحها وسعيها كل حين لتحسين حالتها. والمنافسة أساس عظيم من أسس النجاح. وقد بلغ رأس مال بعضها زهاء مليون من الجنيهات ومائة ألف مشترك وبعضها يبيع طعاماً وثياباً بثمن بخس وما تربحه الشركة من ذلك تعود فتبني به بيوتاً. وقد ثبت بالإحصاء في بضع