للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها من المفسدة ويكونون مطيعين للآمر بتلك المقاصد والناهي عن تلك المفاسد فجميع بني آدم لا بد لهم من إطاعة آمر وناهٍ فمن لم يكن من أهل الكتب الإلهية ولا من أهل دين فإنهم يطيعون ملوكهم فيما يرون أنه يعود عليهم بمصالح دينهم ودنياهم وغير أهل الكتاب منهم من يؤمن بالجزاء بعد الموت ومنهم من لا يؤمن وما أهل الكتاب فمتفقون على الجزاء بعد الموت ولكن الجوزاء في الدنيا متفق عليه من أهل الأرض فإن الناس لم يتنازعوا إن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة ولهذا روي أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة.

قال والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم قادر وهو فرض على الكفاية ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره والقدرة هو السلطان والولاية فذوو السلطان اقدر من غيرهم وعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم فإن مناط الوجوب هو القدرة فيجب على كل إنسان بحسب قدرته أن يقول وبنو آدم لا يعيشون إلا باجتماع بعضهم مع بعض وإذا اجتمع اثنان فصاعداً فلا بد أن يكون بينهما ائتمار بأمر وتناه عن أمر وأولو الأمر أصحاب الأمر وذوو القدرة وأهل العلم والكلام فلهذا كان أولوا الأمر صنفين العلماء والأمراء فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس كما قال أبو بكر رضي الله عنه للأحمسية لما سألته ما بقاؤنا على هذا الأمر قال: ما استقامت لكم أئمتكم. ويدخل فيهم الملوك والمشايخ وأهل الديوان وكل من كان متبوعاً فإنه من أولي الأمر. أهـ.

وقال ابن الأخوة: الحسبة من قواعد الأمور الدينية وقد كان أئمة الصدر الأول يباشرونها بأنفسهم لعموم صلاحها وجزيل ثوابها وهي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن منكر إذا ظهر فعله وإصلاح بين الناس والمحتسب من نصبه الإمام أو نائبه للنظر في أحوال الرعية والكشف عن أمورهم ومصالحهم وبياعاتهم ومأكولهم ومشروبهم وملبوسهم ومساكنهم وطرقاتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وقال الماوردي: الحسبة واسطة لين أحكام القضاء وأحكام المظالم فما ما بينها وبين القضاء فهي موافقة لأحكام القضاء من وجهين ومقصورة عنه من وجهين وزائدة عليه من وجهين فأما الوجهان في موافقتهما لأحكام القضاء فأحدهما جواز الاستعداء إليه وسماعه دعوى المستعدي علىالمستعدى عليه في