للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى سعيد بن المسيب أن أول من ضرب الدراهم المنقوشة عبد الملك بن مروان وكانت الدنانير ترد رومية وكانت الدراهم ترد كسروية وحميرية قليلة فأمر عبد الملك الحجاج بضرب الدراهم بالعراق فضرب بها سنة أربع وسبعين وقيل خمس وسبعين ثم أمر بضربها في النواحي سنة ست وسبعين وكتب عليها الله أحد الله الصمد. وحكة يحيى بن النعمان الغفاري أن أول من ضرب الدراهم مصعب بن الزبير عن أمر عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضرب الأكاسرة وعليها بركة من جاني والله من جانب ثم غيرها الحجاج بعد سنة وكتب بسم الله الحجاج وهذه فائدة ذكرت هاهنا لتعلقها بذكر الدراهم فيجب على المحتسب أن لا يهمل أمر هذا الباب وينظر فيه كل وقت والله أعلم.

وقال في معرفة الموازين والمكاييل والأذرع: أصبح الموازين وما استوى جانباه واعتدلت كفتاه وكان ثقب علاقته في وسط العمود ويحدد الثقب ويجعل المسمار فولاذاً حتى تكون سريعة الجريان فمتى لم يفعل ذلك كانت تسكن فيضر بالمشتري.

فصل ويأمر أصحاب الموازين بمسحها وتنظيفها من الأدهان والأوساخ في كل ساعة فإنه ربما يجمد شيء من جرمها فيضر كما ذكرنا وينبغي إذا شرع في الوزن أن يسكن الميزان ويضع فيها البضاعة من يده في الكفة قليلاً قليلاً ولا يهمز الكفة بإبهامه فإن ذلك كله بخس وتكون موازين الباعة معلقة ولا يمكن لأحد من الباعة أن يزن بميزان الأرطال في يده ومن البخس الخفي في ميزان الذهب أن يرفعه بيده تلقاء وجهه ثم ينفخ في الكفة التي فيها المتاع نفخاً خفيفاً فيرجح بما فيه وذلك أن المشتري يكون عينه على الميزان لا إلى فم صاحبه.

ولهم في الميزان صناعة يحصل بها البخس مثل أن يلصق شمعة تحت أحد كفتي الميزان أو يشكل رزة الميزان العليا بخيط شعر رقيق لا ينظره المشتري فيحصل له في ذلك تفاوت. ولهم أيضاً العلاقة التي تسمى الموى وهو أن يكون عمود الميزان فولاذاً ويعمل لسانه أرمهان أو يعوج رأس اللسان إلى الجانب الذي يردي أن يأخذ به فيحصل له ذلك القدر الحرام فيلزم المحتسب مراعاة ذلك في كل وقت. واعلم أنك وليت من الكيل والميزان أمراً من أجله هلكت الأمم السالفة فباشرهما بيدك مباشرة الاختبار ولا تقل أهلها عثرة فإن الإقالة لا تنهى عن العثار وكل هؤلاء من سواد الناس فمن لم يفقه نفسه وليس همته إلا