الكهنة: لا يقوم الكاهن في رومية بما يقوم به في بلاد اليونان من الأعمال الروحية بل كان ينقطع فقط لخدمة الرب فيلاحظ معبده ويدير شؤون أملاكه ويقوم بالاحتفالات لإكرامه وهكذا كانت جمعية الساليبن (الرقاصين) تحتفظ بترس سقط عليها من السماء كما زعموا وكان يعبد كما يعبد الصنم وكانت تقيم تلك الجمعية كل سنة حفلة رقص بالسيوف وهذا ما كان يتوفر عليه أعضاء تلك الجمعية. والأحبار يراقبون الحفلات الدينية فيضعون تقويماً للسنين ويحددون أوقات الأعياد التي يجب الاحتفال بها في أيام مخصوصة من السنة ورئيسهم هو الحبر الأعظم.
وما كان الكهنة ولا العرافون ولا الأحبار يؤلفون طبقة خاصة بهم بل كان يجري اختيارهم من كبار الرجال ويبقون على القيام بجميع وظائف الحكومة فمنهم من يتولى القضاء ومنهم رئاسة الجمعيات ومنهم قيادة الجيوش. ولذلك لم يتألف من الكهنة الرومانيين على قوتهم كما تألف من الكهنة المصريين طبقة كهنوتية فقد كان لحكومة رومية دين خاص بها ولم يكن للكهنة حق الحكم فيها.
عبادة الموتى: اعتقد الرومانيون كما اعتقد الهنود واليونان بأن الروح تبقى بعد موت الجسد فإن عنوا بدفن الجثة بحسب العادات فقد اعتقدوا بأن الروح تذهب لتحيا تحت الأرض وتصبح ربة وإلا فالروح ليس في استطاعتها الدخول إلى عالم الأموات بل كانت تعود إلى الأرض تدخل الرعب في قلوب الأحياء وتعذبهم ليدفنوها. حكى بلين لجون قصة شبح كان يختلف إلى أحد البيوت ويهلك سكانه هلعاً فاكتشف أحد الفلاسفة ممن كان له قوة قلب تمكنه من اقتفاء أثره إلى المكان الذي وقف فيه ذاك الطيف ـ عظاماً لم تدفن بحسب العادات المتبعة. وهكذا كانت روح الإمبراطور كاليجولا تطوف في حدائق القصر فاقتضى إخراج جثته ودفنه ثانية على ما رسمته الشعائر الدينية.
فمن ثم كان مما يهم الأحياء والأموات على السواء المحافظة على العادات الدينية فكانت أسرة الميت تنصب كومة من الحطب يحرقون فيها الجسد ويجعلون الرماد في صندوق يضعونه في القبر. وكان لهم معبد خاص بدفن الأرباب أي الأرواح التي أصبحت أرباباً فيأتي أهل الميت في أوقات معينة إلى زيارة القبر حاملين طعاماً. ولا جرم أنهم اعتقدوا