ويضعون سيوفهم في أيديهم ويبدؤون القتال. فإذا اندحروا يتراجعون إلى الفضاء الذي وراءهم فيزحف الصف الثاني من الفرق في نوبته إلى القتال فإذا ما دحر ينكفئ راجعاً نحو الخط الثالث وهذه الفرق هي خيرة رجال الجيش يحملون الرماح وهم واسطة لقيادة أخوانهم الآخرين لقتال الأعداء بهم.
وبعد فإن الجيش الروماني لا يتألف جملة واحدة للقتال في آن واحد بل أن القائد يعبئ جنوده مراعياً حالة الأرض التي يتخذها ساحة لقراع الأعداء. ولما التقى كتائب جنود الرومانيين وفرق المكدونيين في جبال سينوسيفال في تساليا للمرة الأولى وهما أشهر ما عهد من الجيوش في العهد القديم كان ميدان القتال عبارة عن أكمات وتلعات فلم يكن في إمكان الستة عشر ألف محارب من المكدونيين أن يظلوا متماسكين متجمعين بل كان صفوفهم ذات فروج فزحفت الفرق الرومانية ودخلت الفضاء الذي كان يتخلل صفوفهم ومزقت شملهم كل ممزق.
التمرينتا: لم يكن لرومية محال للألعاب الرياضية فكان الجنود يتمرنون في ساحة المناورات أي في ساحة المريخ في الضفة الثانية من نهر التيبر وهناك كان الشاب يسير ويعدو ويقفز وعليه العدة الكاملة من السلاح يلعب بسيفه ويضرب بحربته ويستعمل معوله فإذا ما علاه الغبار والعرق يجتاز نهرالتيبر عائماً. وكثيراً ما كان الرجال المدربون بل والقواد يشاركون فتيان الجند في تمريناتهم إذ كان من دأب الروماني أن لا ينقطع عن التمرين حتى كانت القاعدة المتبعة إذ ذاك أن لا يترك الجنود حتى في الحرب بلا عمل فيمرنون مرة في اليوم على الأقل فيشغلونهم بإنشاء الطرق والجسور والمجاري إذا لم يكن أمامهم عدو يقاتلونه ولا متاريش يقيمونها.
المعسكر: يحمل الجندي الروماني حملاً ثقيلاً مؤلفاً من سلاح وأوان وأطعمة تكفيه أياماً ووتد يبلغ وزن مجموعها ستين رطلاً رومانياً وإذا تلاقى الجيش بجيش العدو يسهل عليه الحرب بسرعة إذ لا يكون له من الأثقال ما يشغله.
وكل مرة كان يريد الجيش الروماني الوقوف ليعسكر يخط المساح نطاقاً مربعاً ويحفر الجند في محيط ذاك النطاق هوة عميقة ويبقون التراب في ناحيتهم في الداخل يكون منحدراً ويضربون فيه أوتاداً وهكذا يكون المعسكر محمياً بنطاق من أوتاد وأرض ذات وهاد وفي