إلا أن هذا مجرد فرض منهم لا يفهم من نصوص العهد القديم وإذا أطلق هنا على إقليم فرغانة اسم أفريقية فهذا أيضاً ري من الآراء لا حقيقة من الحقائق الثابتة. ثم أن بعض الشراح من الربانيين قالوا بأن الترشيشيين هم من التراسيين بدون أن يدركوا أن التوراة قد جعلت ترشيش بن جافانا واسكنار بن كومر على أن هذين الفرضين لا يمكن تطبيقهما من الوجهة الجغرافية والشعبية على نصوص شرح التوراة.
وليس في الكتابات اآشورية شيء بشأن التراسيين أو البيرجيين سكان آسيا الصغرى. جاء في التواريخ الآشورية المحفورة على اسطوانات من الأجر (الطوب) المحفوظة في المتحف البريطاني ذكر ملك مداس أوميتا وورد على صورتين (ميتا) ملك الموسخو وميتا ملك الموسخاي أي ميداس ملك الموشيين أو ميداس الموشيني لا ميداس الفرغاني كما يزعم ذلك كتاب اليونان.
وقد طاف المسيو بيرو إقليمي ليديا وكابادوسيا طواف عالم أثري وقابل بين مصانعها المختلفة فرأى أن هذه التناقضات لم تنشأ إلا من ضعف إرادة هوميرس في نسبة أصل أبناء وطنه إلى فرع أوروبي لا إلى فرع آسياوي. ومن تأمل فرأى أن ليس من أحد بين اليونان كان يود مناقضة هوميروس كما أن الباحثين في أوروبا قديماً عن أصول التاريخ كانوا يعنون قبل كل أمر بتوفيق أقوالهم على نصوص التوراة ـ يدرك في الحال السب الذي دعا إلى التفاسير القديمة والحديثة لم يتيسر لها أن تخلص من هذه الوجهة المهمة من سلطة التقليد.
وكذلك الحال في البيتيتيين والتينييين والميزيين والذيم أرادوا أن يلصقونهم بالأصل التراسي. وإنما نكتفي هنا فقط بأن نقول أن في اللواح الآشورية ذكراً لبلاد في آسيا الصغرى اسمها بيت أني أو أنو وهي على التحقيق ليست من أصل تراسي وقد رسم أنو هذا في الأساطير الكلدانية على صورة رب سمكة أو رب السواحل البحرية. على أن الأثري شلمان اكتشف في اليسيرليك على بضعة كيلومترات من المكان الذي يزعمون أنه مقر الفرغانيين على عمق ستة عشر متراً في الأساس الذي دعاه قصر بريان على عدد كثير من الأواني والصحاف عليها صورة سواستيكا أوالصليب (المقلوب) الذي يرى بريخ مدير المتحف البريطاني أنه رمز أنو. وأنت ترى أن في مسائل أصول الشعوب صعوبات