كتب أحد علماء الآثار في المجلة الثرية الفرنسوية يقول أنه كان من التقاليد الشائعة أن الفينيقيين هم الذين اخترعوا الزجاج ومنذ حل الخط المصري القديم تبين أن كثيراً من الأواني الزجاجية الملونة التي اشتهرت بأنها فينيقية قد نقش عليها اسم فراعنة مصر وقد أبان أحدهم أنه وإن ثبت وجود أواني زجاجية مصرية أو يونانية صنعت قبل الإسكندر فلم يثبت وجود معمل فينيقي في فينيقية وبذلك تبين أنه لم تنتشر صناعة الزجاج في سورية إلا على عهد السلوقيين خلفاء الإسكندر ولاسيما على عهد الرومانيين وقد ثبت الآن أن سورية وبلاد دجلة والفرات لم تعرف الزجاج قبل العهد اليوناني وأن الآنية الآشورية الوحيدة التي نقش عليها تاريخ وحفظت في المتحف البريطاني وكتب عليها اسم سراغون الثاني هي بدون ريب من أصل مصري كما ثبت ذلك من شكلها ووضعها. وكما يؤخذ من علبة مرصعة بالزجاج الأسود والأخضر وجدت في حفريات أبيدوس. وقد اقتنى متحف برلين مؤخراً عصا قائمة الزوايا طولها بضعة سنتمترات نقش على وجهها بالأبيض اسم لامار أحد فراعنة الدولة الثانية عشرة ولامار لقب له واسمه الأصلي أمنيس الثالث وكان يعبد في الفيوم. وما وجد في هذه المدينة من الزجاج القديم يدعو إلى الجزم بأنها كانت في القديم مصنع الزجاج وإن صنع الزجاج بلغ درجة عالية في مصر على عهد الدولة الثامنة عشرة وأقدم ما وجد من الأواني الزجاجية ثلاث قطع حفظت فإحداها في القاهرة والأخرى في لندرا والثالثة في ميونيخ.
وقد استدل الكاتب بأن ما لاحظه يتري من أنه كان في تل العمارنة هي عاصمة أمينوفيس الرابع معمل للزجاج على أن هذه الصناعة كانت فيها على أتم الرواج في الدولة الثامنة عشرة الفرعونية وأن المصريين كانوا يصنعون الأقداح والتعاويذ من الزجاج. ومعمل تل العمارنة دليل واضح على أنه كان في مصر معامل كثيرة للزجاج والعقل يقضي بأن ما عثر عليه من الزجاج أقدم من هذا التاريخ وهو من صنع مصر أيضاً كالزجاج الذي عثر عليه في قصر أمينوفيس الثالث في ثيبة. وقد بيعت مصنوعات مصر الزجاجية في شواطئ البحر الرومي فنسبت للفينيقيين لأنهم هم الذين كانوا يحملونها على سفنهم ثم أثبت أن صناعة الزجاج ازدهرت في زمن الدولة الساميتية وكانوا ذاك العهد يفضلون التعاويذ الصغيرة والتمويه والتزيين بأنواعه على الأواني الملونة يتخذون من ذلك ما يزينون به