قال في الفصل الرابع من السقايين وغشهم: ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ويعرفه أنه لما كانت الأمواج تجيب الأوساخ والأقذار إلى الشطوط وجب أن تكون يدخل السقاؤن في الماء إلى أن يبعدوا عن الأوساخ وأن لا يستقوا من مكان يكون قريباً من سقاية ولا مستحم ولا مجراة حمام ومن اتخذ منهم راوية جديدة فلينقل بها الماء إلى الطين أياً فإن ماءها يكون متغير الطعم والرائحة من أثر الدباغ فإذا زال التغير أذن له المحتسب في بيع مائها وينبغي أن يكون في أوساطهم التبابين ليستروا عوراتهم وسقاة الماء بالكيزان أصحاب القرب يؤمرون بنظافة أزيارهم وصيانتها بالأغطية وتغطية قربهم التي يسقون منها في الأسواق بالميازر ويمنعهم أن يسقوا بكيزانهم المجذم والأبرص وأصحاب العاهات والأمراض الظاهرة وجلاء الكيزان النحاس كل ليلة وتطيب شبابيكها بشمع المسك واللادن الطيب العنبري وافتقاد الخوابي بالبخور والغسل كل ثلاثة أيام.
وقال في جزاري الضأن والمعز والإبل والقصابين وغشهم: ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة من أهل معيشتهم ثم بعد ذلك يستحب أن يكون الجزار مسلماً بالغاً عاقلاً يذكر اسم الله على كل ذبيحة وأن يستقبل القبلة وأن ينحر الإبل معقوله من قيام والبقر والغنم مضجعة على الجانب الأيسر لأن ذلك وردت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويأمرهم أيضاً أن لا يجر الشاة برجلها جراً عنيفاً وأن لا يذبحوا بسكين كالة فإن في ذلك تعذيباً للحيوان وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الحيوان ويلزمه في الذبح أن يقطع الودجين والمري والحلقوم ولا يشرع في السلخ بعد الذبح حتى تبرأ الشاة وتخرج منها الروح لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر منادياً ينادي في المدينة أن لا تسلخ شاة مذبوحة حتى تبرد وتجوز الزكاة بكل شيء إلا الألسن والظفر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزكاة بهما ويمنعهم أيضاً أن لا يذبحوا جملاً يكون مقرح الجسم إلى أن يبرأ جميع ما فيه من القروح وقد كان أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله في سجل مجلد في ديوان الإنشاء بأن لا يذبح من البقر إلا المخلوع الورك والأعور والأعمى والمقلوع السن والمريش العين والمجفون والجرب وكل مشقوق الحافر والمقطوع والمكوي كل شيء كانت عيونه ظاهرة والصحيح الرقاد والمعلوفة إذا كان بها شيء من هذه العيوب المذكورة