وقال يخاطبه في كلمة الإهداء:"لم تفتأ تبعث همتي على العمل، وتأخذ بيد عجزي، لأقوى على إخراج هذا السفر للناس، فالآن وقد تحققت الأماني، تفضل وزد في الإحسان، واقتطع من وقتك الثمين ساعات، ترشدني فيها إلى مواطن الضعف منه، فتقلدني من منتك اللاحقة قلادة فوق قلائدك السابقة!! "
في هذه الكلمة يتجلى تواضع العلماء، وخاصة من عالم جليل مثل محمد كرد علي، يتحدث عن مثل هذا السفر النفيس، وقد تحدث الباحث عن ظروف وضعه "خطط الشام" في تقديم الجزء الأول فقال: "شرعت أتصفح كل ما ظفرت به من المخطوطات، والمطبوعات باللغات العربية والتركية والفرنسية، وقصدت دور الكتب الخاصة، والعامة، في الشام ومصر والمدينة المنورة والأستانة ورومية وباريس ولندن وأكسفورد وكمبريدج وليدن وبرلين وميونيخ وبحريط والاسكوريال، وكنت كلما استكثرت من المطالعة تتجلى أمامي صورة العمل ... هذا مع ما قام في سبيل نشر هذا المجموع من العقبات منذ وطدت العزم على وضعه، وما نالني من الكوارث في العهد الماضي، ولكن الشقاء قد يأتي بالسعادة، ورب ضر أعقب ضراً، فإن التضييق علي نشأ منه اضطراري إلى الارتحال غير مرة، فأخذت أستقري المعالم والمجاهل في هذا القطر، ونزلت على أمم كثيرة في بلاد الغرب، فاستفدت من تنقلي بعض ما عندهم من أسفارنا وآثارنا وقابلت عن أمم بين عمراننا وعمرانهم وجمودنا اليوم وحركتهم.