للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخيول في الهاويات. وقضى تسعة أيام لبلوغ قمة جبل الألب وصعب عليه النزول لأن المضيق الذي كان يجب عليهم السير فيه غطته الثلوج فاقتضى لجيشه أن يتخذ له طريقاً يحفره في الصخر ولم يصل إلى السهل إلا وقد أصبح جيشه نصف ما كان. ثم لقي هانيبال ثلاثة جيوش رومانية في مسافة متدانية على شاطئ نهر تيسين وضفة نهر ترييا بالقرب من بحيرة ترازيمين في أوترويا فهزمها كلها وكان كلما تقدم إلى الأمام يزداد جيشه وينضم المحاربون من الغاليين (إيطاليا الشمالية) تحت لوائه ليخدموه وينصروه على الرومانيين.

فاجتاز هانيبال إيطاليا واتخذ لنزوله إقليم أيوليا في الجهة الثانية لرومية فهاجمه فيها الجيش الروماني. وكان جيشه نصف جيش ولكن كان معه فرسانه الغريقيون يركبون خيولاً سريعة وقد رابط في سهل (كان) بحيث جعل الرومانيين يقابلون بوجوههم الشمس والتراب الذي تثيره الريح فأحاط الفرسان بالجيش الروماني إحاطة السوار بالمعصم وذبحوه عن آخره (٢١٦) وكان يظن أن هانيبال سيزحف على رومية إلا أنه لم يكن على تعبية تامة. وهكذا ظل هانيبال في إيطاليا الجنوبية تسع سنين يحاول أن يفصل عن رومية الشعوب المحالفة لها ولم ينجح إلا بالاستيلاء على بضع مدن حاصرها الرومان وخربوها.

وبعد ذلك سافر أخور أسدروبال في جيش أسبانيا للالتحاق به فوصل إلى أوساط بلاد إيطاليا فسار الجيشان القرطاجنيان أحدهما على الآخر يقابل كلاً منهما جيش روماني بقيادة أحد حكام الرومان وكان نيرون محاذياً لهانيبال فجرأ على قطع إيطاليا الوسطى لينضم إلى رصيفه مقابل أسدروبال. ولقد سمع أسدروبال في صبيحة ذات يوم الأبواق تبوق مرتين في المعسكر الروماني وكان في ذلك إشارة إلى أنه كان في المعسكر قنصلان أو حاكمان فوقع في نفسه أن أخاه غلب وانهزم وأن الرومان يطاردونه وأنه قتل وذبح جيشه عن بكرة أبيه ثم رجع نيرون إلى الجيش الذي غادره أمام هانيبال وألقى في معسكر قرطاجنة رأس أسدروبال (٢٠٧) فلم يبق لهانيبال غير قوته يعتصم بها وأقام خمس سنين في إقليم كالابرا وما أكره على الخروج من إيطاليا إلا لما علم أن جيشاً رومانياً كان نزل إلى أفريقية وأخذ يهدد قرطاجنة فذبح هانيبال الجند الإيطالي الذي أبى الالتحاق به وركب البحر إلى أفريقية (٢٠٣) وانتهت الحرب بواقعة زاما (٢٠٣) وكان هانيبال اعتمد بحسب عادته أن يسوق الجيش الروماني إلى الدخول في صفوفه ولكن القائد الروماني سبيون ثبت مع جيشه وما