بعادات أسلافه. ولد هذا الرجل سنة ٢٥٢ في بلدة توسكولوم وقضى شبيبته في الحرث والكرث وفي السابعة عشرة من سنه دخل في الجيش بحسب العادة المتبعة واشترك في عامة الحملات على هانيبال. ولم يكن من الأشراف ولكنه اشتهر بقوته واستقامته وزهده وقد انتخب مرات وزيراً للمالية وناظراً للأبنية والملاعب وقاضياً وقنصلاً ووكيلاً للإحساء وشغل مناصب الشرف عامة وكان في جميع حالاته على قدم قدماء الرومان قاسياً جافاً محتشماً وقد وبخ قنصله عندما كان وزيراً للمالية وكان القنصل سبيون غالب هانيبال فأجابه لست في حاجة إلى ناظر مدقق مثلك إلى هذا الحد. ولما عين ناظراً للأبنية والملاعب في ساردينيا أبى أن يمس المال الذي دفعته إليه تلك الولاية للنفقة. ولما صار قنصلاًَ تكلم بشدة عن قانون أوبيا القاضي بالحظر على النساء الرومانيات بأن لا يتزين بالحلي الثمينة فظفر النساء بمطلبهن وألغي ذلك القانون. ولما ذهب لقيلدة الجيش الروماني في إسبانيا أتى بأموال طائلة ودفعها إلى خزانة الإمبراطورية وباع حصانه عندما ركب البحر ليقتصد في نفقات نقله ولما عين وكيلاً للإحصاء أسقط من قائمة مجلس الشيوخ عهدة من الأعاظم لما عرفوا به من الترف والبذخ وأحال جباية الأموال الأميرية بثمن عال وقدر حلي النساء وزينتهن وعرباتهن بعشرة أضعاف ما تساوي وبعد أن خفقت له أعلام النصر لم يستنكف من الخدمة في الجيش الروماني ضابطاً بسيطاً.
صرف كاتون حياته في مناهضة الأشراف والبغض من بذخهم وترفهم وتجملهم وحمل خاصة على أمثال القائد سبيون متهماً إياه بالاختلاس إلا أنه لم ينج هو أيضاً من إلصاق التهم به فاتهم أربعاً واربعين مرة ولكنه كان يبرأ كلما اتهم. وكان يحرث أرضه مع عبيده ويواكلهم ويضربهم بالعصي منى رآهم يحيدون عن جادة الصواب وقد ذكر في رسالته في الزراعة التي كتبها إلى ابنه جميع ما كان يأتي الفلاحين الرومانيين من الإيرادات ويرى أن من الواجب على المرء أن يغتني وكان يقول: للأرملة أن تصرف من مالها وعلى الرجل أن يزيد وكل من شهدت دفاتر حساباته بعد موته بأنه ربح أكثر مما ورث جدير بالشهرة وملهم من الأرباب ولما رأى أن الزراعة لا تأتيه بأرباح طائلة أخذ يقرض ماله ليجهز به سفناً تجارية واتخذ له خمسين شريكاً جهزوا كلهم معاً خمسين سفينة ليتقاسموا بينهم الأخطار التي تنال سفنهم والأرباح التي تأتيهم بها. وعلى هذا كان كاتون زارعاً