الأرباب المزورة ويجعلوها بقايا في قبور أنوبيس وسيرابيس. وقام وأرسل الأسقف السوري في مقدمة عصابة من الجند والمشعوذين فخرب معبد المشتري في أفامية. وأنشأ يجوب البلاد ويخرب المزارات فقتله الفالحون فجعلته الكنيسة من القديسين.
فما هو إلا قليل حتى لم يبقى عبدة أوثان إلا في القرى يأوون إليها فراراً من المراقبة وهم فلاحون ممن بقوا يعبدون الأشجار المقدسة والينابيع ويجتمعون في المزارات البعيدة.
وأخذ المسيحيون يطلقون اسم الوثنيين (الفلاحين) على من كانوا سموهم إلا ذلك العهد بالظرفاء وبقي ذلك الاسم يطلق عليهم. وهكذا اشتدت الحال على الوثنية في ايطاليا وغاليا واسبانيا إلى أواخر القرن الرابع وطوي بساطتها تحت طي السكوت.
التنظيم الجديد في الإمبراطورية
رومية والقسطنطينية ـ خرب الغرب وقل سكانه في القرن الثالث بما تواتر عليه من الحروب والغارات فأصبح الشرق اليوناني القسم المهم من الإمبراطورية. وكان ديوكلسين قد تخلى عن رومية وجعل عاصمته في نيكوميديا في آسيا الصغرى. أم قسطنطين فتوسع في الأمر أكثر من ذلك فأنشأ رومية جديدة في الشرق وكانت القسطنطينية على رأس من البحر لا يفصل أوربا عن آسيا غير خليج البوسفور الضيق في أرض كثيرة الكروم والغلات وتحت سماء صافية وأنشأ طواري من الروم مدينة بيزانس وكان لها من الإحكام ما يجعلها سهلة على الدفاع ومرفأها المعروف بقرن الذهب من أحسن مرافئ العالم يؤوي ١٢٠٠ سفينة ويمكن سده بسلسة طولها ٢٥٠ متر لئلا تتخطاه أساطيل العدو. فهناك أنشأ قسطنطين مدينته الجديدة القسطنطينية (مدينة قسطنطين) وجعل في أطرافها أسواراً عالية وأنشأ فيها ساحتين تحيط بهما أروقة. وأنشؤوا فيها قصراً وملعباً ودور تمثيل وأقنية وحمامات ومعابد وكنيسة مسيحية.
ونزع قسطنطين من المدن الأخرى ما كان فيها من التماثل والنقوش البارزة المشهورة ليزين بها مدينته ولأجل إسكانها نقل إليها سكان المدن المجاورة بالقوة وقدر مكافأت وألقاب تشريف للأسر الكبرى التي تنتقل إليها وقرر كما كان الحال في رومية توزيع الحنطة والخمر والزيت على الناس وتوفير المشاهد والفرج لهم.
فكان تأسيس تلك العاصمة من السرعة الغريبة على نحو ما يحب القوم في الشرق فبدأ