لما رسمه الأولون من الحساب مكتسباً ما أمكنني منه الاكتساب فوضعت على غاية ما بلغ الاجتهاد إليه ووقع عن التخير الاختيار عليه ما يغني الصانع في تيسير المعرفة ويكفيه عن كثير من الكتب المصنفة وعليه في وضع المقنطرات والكواكب المعول والعمدة على وضعها وتحريرها على المصنف الأول مع معرفتي بفك حروفها وإعدادها وإبعاد مراكزها وأنصاف أقطارها ولست بالمدعي في معرفة هذه الصناعة ولا ممن يتخذها حرفة وبضاعة بل اجتهدت فيها والتمست واحتذيت من ضوء سناها واقتبست فألفت هذه الرسالة لتكون للصانع أوضح دلالة وسميتها معين الطلاب على عمل الاصطرلاب فمن وقف عليها فليتسامح عما فرط وليكن أو من لعذر بسط فإن الحليم إذا رأى حسناً مخفياً أظهره وإذا رأى قبيحاً منشوراً ستره ونسأل الله الهداية في الصلاح والبلوغ إلى أفضل المقاصد والنجاح أنه العظيم الحنان والكريم المنان.
فاعلم أن الاصطرلاب يعمل بمجالات فمنها ما يكون تاماً وعدد مقنطراته تسعون منها ما يكون ثنائيا وعدد مقنطراته خمسة وأربعون ومنها ما يكون ثلثاً وعدد مقنطراتها ثلثون ومنها ما يكوون خمساً وعدد مقنطراته ثمانية عشر ومنها ما يكون سدساً وعدد مقنطراته خمسة عشر ومنها ما يعمل عشراً لصغره وضيق مداراته وعدد مقنطراته عشرة فالتام هو الذي يكون درج بروجه ومقنطراته مقسومة على درجة درجة والنصف ما كان بروجه ومقنطراته مقسومة على درجتين ودرجتين والثلث ما كان درج بروجه ومقنطراته مقسومة على ثلاثة ثلاثة والخمس ما كان درج مقنطراته وبرجه مقسومة على خمسة خمسة والسدس ما كان عشرة عشرة وأما الرسوم التي لا يقع فيها اختلاف في جميع الاصطرلابات فهي دوائر المدارات أعنى مدار السرطان والحمل والجدي وخط نصف النهار وخط الاستواء فإن هذه الخطوط كلها في جميع الاصطرلابات لا يقع فيها خلاف التبة وإنما تختلف دوائر المقنطرات وهذا الذي اتصل إلى علمنا من أعمال الإسطرلابات وأعمال التارجهار فإنه لا يمتنع أن يكون قد زيد على هذه الأقسام التي ذكرناها ولم نطلع عليه فليس لنا أن نقطع بأن هذه الأقسام التي ذكرناها هي التي تعمل فقط فعلى هذا ما كان صغيراً وقسم على درجة أو درجتين أو ثلاث تزاحمت خطوط المقنطرات لاسيما عند المركز فلا جل ما صغر منها على عشر عشر وأصحها ما كانت مقنطراته مقسومة على