العمل موقوفة على قسمة الخط المذكور فمتى كان في القسمة خلل لم تصح بها الأعمال والخط هو المسطرة المقسومة وهذا مثالها (وهنا أورد صورتها) وإن كانت هذه المسطرة بخلاف المسطرة الستينية التي ذكرها الفرغاني في كتابه فإن تلك مقسومة بستين قسماً فإذا أردت عمل هذه المسطرة الستينية التي يقاس منها أعمال الاصطرلاب فإنك تبدأ أولاً بعمل مسطرة صحيحة من خشب صلب.
إلى أن قال: فإذا أردت عمل الاصطرلاب كبيراً كان أو صغيراً على أي قدر شئت عمله من الأقدار فإنما يكون كبره وصغره من حساب هذه المسطرة لأنه متى أراد الاصطرلاب كبيراً كبر في طول المسطرة ليتباعد ما بين أقسامها ومتى أراد الاصطرلاب صغيراً صغر المسطرة ليتقارب ما بين أقسامها لأن فتح نصف قطر دائرة الاصطرالاب بقدر الثلث من طول المسطرة المقسومة بتسعين جزءاً ويكون قسمة هذه المسطرة إما في مسطرة من خشب صلب كالأبنوس والعاج أو ما كان في صلابتهما من الخشب والعاج وماشا كله في الصلابة واللون والعاج أجود من الأبنوس لكونه أسود لا تتبين فيه أجزاء المسطرة وإن كانت من نحاس كانت أجود من الجميع إذ المراد بالصلابة أن لا ينزل شيءٌ من رأسي البيكار في الخشب فيخل العمل فإذا أراد قسمة الصفائح فإنه يبدأ أولاً بفتح البيكار بقدر ما يغلب على ظنه أنه نصف قطر الصفيحة أهو في آخر الكتاب شهاداتان من أهل هذه الصناعة تشهدان له بإتقانها والبراعة فيها وهذه الصورة الأولى منها:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الذي در مقادير الكواكب وظهر من مكنونات الغيب أسرار العجائب وسير النيرين كتهادي الكواعب وأجرى المتحيرات كجري القواضب وقدر بروجها بين السابق واللاحق والطالع والغارب وجعل النجوم السبعة متحيرة بالقواعد والمراتب فنسبة الشمس كالسلطان والقمر كولي العهد والصاحب وزحل كالقهرمان والمشتري كالحاكم والمريخ كصاحب الجيوش والكتائب والزهرة كالخادم والمطرب وعطارد كالوزير والكاتب فسبحان خالق هذه المحاسن والغرائب ووصفها في كتابه المنزل على سيد الأنباء والشهداء والأباعد والأقارب فقال عز وجل: إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله الكرام وأصحابه الأطايب وبعد فأقول وأنا أقل عباد الله وأصغرهم إبراهيم بن ممدود الحاسب الملكي