للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفها - ينبجس من قمم جبال أرمينية المغطاة بالثلوج نهران سريع جريهما بعيد غورهما وهما الرافدان دجلة والفرات الأول من الشرق والثاني من الغرب. يتقاربان أولاً ثم يتباعدان عند بلوغهما السهل فيستقيم دجلة في جريته وينعطف الفرات في صحاري الرمال ثم يجتمع النهران قبل أن يصلا إلى البحر. فالبلاد التي يجتازها هذان النهران هي بلاد الكلدان. وهي سبسب من صلصال تمطره السماء قليلاً وتشتد فيه الحرارة والقيظ بيد أن الأنهار تسقي بجداولها هذه الأرض الصلصالية فتصيرها من أخصب بقاع الأرض وأنبت قيعانها. وأن حبة القمح والشعير لتأتي مائتين وفي أعوام الرخاء ثلاثمائة. والنخيل في تلك البلاد غابات غبياء يستخرج منه الخمر العسل والطحين.

الأمة الكلدانية - باكرت الحضارة بلاد الكلدان في العهد الذي باكرت فيه مصر فسكنتها شعوب متمدنة. وقد هاجر إليها عدد من الأجناس من أصقاع كثيرة فاجتمعوا وامتزجوا في هذه السهول الفسيحة الأرجاء. جاءها من الشمال الشرقي ناس من التورانيين أهل اللون الأصفر وهم يشبهون الصينيين وأتاها من الشرق طائفة من الكوشيين ولونهم أسمر قاتم وهم أنسباء المصريين ونزل إليها من الشمال فئة من الساميين وألوانهم صافية وهم أقرباء العرب فتألف الشعب الكلداني من هذا المزيج.

مدنها - زعم كهنة الكلدان أن ملوكهم تبسطوا في مناحي السلطة منذ مائة وخمسين ألف عام وهو زعم خرافي يعذرون عليه لأن الحامل لهم عليه توغل مملكة الكلدانيين في القدم. هذه الأرض تتخللها هضاب وآكام كلها كومة أنقاض من بقايا بلد عفته طوارق الدهر. وقد فتح كثير منها وأخرجت منه عدة دفائن مثل أور ولارسام وبال ايلو وظفر الباحثون بعدة آثار. وما برح أمر هذه الشعوب مستوراً عن الأنظار مجهولة حقيقتهم على أرباب الأفكار على أنه من المأمول أن يظفروا بكتابات جديدة في الأماكن الكثيرة التي لم تتناولها الأيدي بالحفر واستخراج الدفائن. وبعد فقد دعت هذه الأمم نفسها بالسوميريين والاكاديين وانقرض ملكهم حوالي سنة ٢٣٠٠ قبل المسيح وربما كانت إذ ذاك في إبان قدمها فيرد عهدها إذاً إلى ثلاثين قرناً قبل الميلاد على الأقل.

الآشوريون

أشور - هذه البلاد واقعة وراء بلاد الكلدان على شاطئ دجلة وهي مخصبة التربة قائمة