وقوانيننا. ولقد رأى بعضهم أن تعليم البنات هذا القدر من التعليم ليس فيه لهن غناء ولكننا لو تابعناهم على آرائهم لظللنا بدل التقدم إلى الأمام متأخرين إلى الوراء. وأي بلاهة أعظم من أن نترك نصف الشعب الفرنسوي جاهلاً بلاده ونقضي بهذا الجهل على النساء والأمهات أن يخرجن من عداد أبناء الوطن.
المدرسة توسع دائرة أبصاركن بتعليمكن الجغرافيا فتدرسكن المبادئ اللازمة في تصور العالم والنواميس الكبرى في الطبيعة وهي تريد أن تعرفن مسكن الجنس البشري والتخوم الفاصلة بين أقطاره وعرضه وطوله وقرب البلاد من الحرارة والبرودة. تتوخى المدرسة بل تجعل من أهم واجباتها الضرورية أن ترفع الغشاوة عن ذكاء الفتيات وتشركهن ما أمكن بتسهيل طرق التعليم في معرفة الأعمال العظيمة التي يقوم بها الفكر في جميع ضروب المعرفة وأن تنبه فيهن الشعور بالآداب السامية وتعدهن إلى الاطلاع على حقائق الحياة كما هي الآن.
المدرسة هنا لا تميز بين البنات والبنين فقد رأيت في كلية السوربون في إحدى الأيام الآحاد في هذا الربيع مشهداً أخذ بمجامع قلبي. شهدت مئات من العذارى الأوانس وقد تزين وأخذن ينشدن الأناشيد وكن عبارة عن تلميذات المدارس العالية في باريز أقمن حفلة لأسراتهن ولعمري من كان يظن منذ خمسين سنة أن يكون لفرنسا مدارس عالية للبنات. كنت في سنة ١٨٦٩ أمين سر المسيو دروي ناظر المعارف العمومية فحاول هذا الأستاذ الشهير العظيم وكانت آراؤه كلها صائبة سديدة أن يؤسس مدارسة ثانوية للبنات فوافقه بعضهم على ما ارتأى ولكن ما لبثت الفكرة أن انتشرت بين الناس بأن الأخوات لسن كالأخوة في التساوي وأن المذكر أفضل من المؤنث كما جاء في كتب النحو التي ألفها الرجال. فكان القوم يظنون أنه يكفي الإبنة قليل من التعليم وأن هذا التعليم من خصائص الكنيسة فقط أن تعلمه ولذلك قاوم رجال الدين في إنفاذ مشروع الناظر المشار إليه.
أتت أيام وأزمان فأصبح عدد المدارس العالية للبنات ٤٢ مدرسة جامعة و٥ مدرسة داخلية و٦٩ مدسة ثانوية وبلغ عدد المتعلمات فيها ٣٠٨٣١ بعد أن كان أقل من النصف قبل عشر سنين وهم يؤسسون هذه السنة أربع جامعات أخرى وربما خمساً وتسع مدارس داخلية وربما عشراً ولم يكن في أول سنة ١٩٠٣ غير ٣٠ مدرسة داخلية فزادت إلى هذه السنة