يأخذوا به في هذا المنهاج بل أدخلوا عليه الألف واللام فقالوا الجلنار واجتروا على توحيده فقالوا جلنارة فأجروه مجرى تمر وتمرة وقال بعض المحدثين:
غدت في لباس لها أخضر ... كما تلبس الورق الجلنارا
ولا أعلم هذا الاسم جاء في شعر فصيح وإنما هو لفظ محدث وكأنه في الأصل جاء على معنى التشبيه شبهوا حمرته بحمرة الجمر وهو جل النار ثم تصرفوا فينقله وتغييره وقالوا في تسمية الطعام الفارسي نيرباج وزعموا أن نير بالفارسية رمان وفارس تنطق بالياء كأنها ألف والألف كأنها ياء فيجوز أن يكون نار في جل نار من هذا النحو فكأنهم أرادوا جل الرمان ويجوز أن يكون جل بلسانهم في غير هذا المعنى على أن لغتهم اختلطت بالعربية وصارت فيها حروف كثيرة من كلام العرب وهم يسمون الفارسية الخالصة الفهلوية والذين يتكلمون بها اليوم قليل تفتقر إليهم الملوك في تفسير سير المتقدمين.
وقال في كلامه على بيت:
أسند صدور اليعملات بوقفة ... في الماثلات كأنهن المسند
أشبه ما يجعل المسند ههنا أن يكون في معنى خط حمير لأن مذهب الشعراء في ذلك معروف وإياه قصد أبو عبادة كما قال ذؤيب:
عرفت الديار كرقم الدواة يزبرها الكاتب الحميري
وكانوا يسمون خطهم المسند وسموا هذا الخط العربي الجزم لأنه جزم من ذلك الفن أي قطع وقد يحتمل أن يعنى بالمسند الحديث المسند أي هذه المنازل قد صار حديثاً يذكر.
وقال في الكلام على بيت:
يغضون دون الاشتيام عيونهم ... فوق السماط للعظيم المؤَمر
الاشتيام كلمة لم يذكها المتقدمون من أهل اللغة فإذا سئل من ركب البحر عنها قال البحريون الذين يسلكون بحر الحجاز يسمون رئيس المركب الاشتيام فإن كانت هذه الكلمة عربية فهي الافتعال من شام البرق لأن رئيس المركب يكون عالماً بشؤون البروق والرياح ويعرف من ذلك ما لا يعرفه سواء فكأنه سمي بالمصدر من اشتئام كما قيل رجل زور وهو مصدر زار ودنف وهو مصدر دنف وفي البحر سمكة تعرف بالاشتيام وهي عظيمة ويجوز أن يكون سميت برئيس المركب كأنها رئيسة السمك وإذا أخذ بهذا القول فهمزة