وحال الموج بين بني سبيل ... يطير بهم إلى الصوب ابن ما
أفر له جناح من سباح ... يرفرف فوق جنح من سماء
وأخذه إسحاق بن خفاجة فقال:
وجارية ركبت بها ظلاماً ... بطير من الصباح بها جناح
إذا الماء اطمأن ورقّ خصراً ... علا من موجه ردف رداح
وقد فغر الحمام هناك فاه ... وأتلع جيده الأجل المتاح
قال المقري ولا يخفاك حسن هذه العبارة الصقيلة المرآة وقال ابن الأبار وقد قلت أنا في ذلك:
يا حبذا من بنات الماءِ سابحة ... تطفو لما سبّ أهل النار تطفئه
تطيرها الريح غرباناً بأجنحة الحمائم البيض للإشراك ترزؤه
من كل أدهم لا يلغى به جرب ... فما لراكبه بالقار يهنئوه
يدعى غراباً وللفتخاء سرعته ... وهو ابن ماءٍ وللشاهين جوء جوءه
وقال عبد الجليل بن وهبون يصف الأسطول:
يا حسنها يوماً شهدت زفافها ... بنت الفضاءِ إلى الخليج الأزرق
ورقاءُ كنت أيكة فتصورت ... لك كيف شئت من الحمام الأورق
حيث الغراب يجر شملة عجبه ... وكأنه من غرة لم ينعق
من كل لابسة الشباب ملاءة ... حسب اقتدار الصانع المتأنق
شهدت لها الأعيان أن شواهناً ... أسماؤها فتصفحت في المنطق
من كل ناشيرةٍ قوادم أجنحٍ ... وعلى معاطفها وهادق سودق
زأرت زئير الأسد وهي صوامت ... وزحفن زحف مواكب في مأزق
ومجاذفٍ تحكي أراقم ربوة ... نزلت لتكرع من غدير متألق
وقال القسطلي في أسطول أنشأه المنصور بن أبي عامر من قصيدة:
تحمل منه البحر بحراً من القنا ... يروع بها أمواجه ويهول
بكل محالات الشراع كأنها ... وقد حملت أسد الحقائق غيل
إذا سابقت شأو الرياح تخيلت ... خيولاً مدى فرسانهن حيول