الذي وجهني فيه إلى عدوه وقد كنت حفظت عهد الأمير إليَّ ورأيه فيهم فكنت أخرج إليهم إذ رأيت الفرصة وأحبس الناس عنهم إذا خشيت الورطة فلم أزل كذلك ولقد أرادني العدو بكل إرادة فلم يصب مني غرةً حتى قدم عليَّ سعيد بن مجالد رحمة الله عليه ولقد أمرته بالتوءدة ونهيته عن العجلة وأمرته أن لا يقاتلهم إلا في جماعة الناس عامة فعصاني وتعجل إليهم في الخيل فأشدت عليه أهل المصرين أني بريء من رأيه الذي رأى وأني لا أهوى ما صنع فمضى فأصيب تجاوز الله عنه ودفع الناس إليَّ فنزلت ودعوتهم إليَّ ورفعت لهم رايتي وقاتلت حتى صرعت فحملني أصحابي من بين القتلى فما أفقت إلا وأنا على أيديهم على رأس ميل من المعركة فأنا اليوم بالمدائن في جراحة قد يموت الرجل من دونها ويعافى من مثلها فليسئل الأمير أصلحه الله عن نصيحتي له ولجنده وعن مكايدتي عدوه وعن موقفي يوم البأس فإنه يستبين له عن ذلك أني قد صدقته ونصحت له والسلام. فكتب إليه الحجاج أما بعد فقد أتاني كتابك وقرأته وفهمت كل ما ذكرت فيه من أمر سعيد وعجلته إلى عدوه فقد رضيت عجلته وتوءدتك فأما عجلته فإنها فضت به إلى الجنة وأما توءدتك فإنها لم تدع الفرصة إذ أمكنت وترك الفرصة إذا لم تمكن حزمٌ وقد أصبت وأحسنت البلاء وأجرت وأنت عندي من أهل السمع والطاعة والنصيحة وقد شخصت إليك حيان بن أبجر ليداويك ويعالج جراحتك وبعثت إليك بألفي درهم فأنفقها في حاجتك وما ينوبك والسلام.
هذه نموذجات من فوائد الكتاب الممتع ولو اتسع المقام لأفضنا فيه أكثر مما أفضنا فإن استيعاب الكلام على اثني عشر مجلداً لا يتأتى في بضع صفحات.