للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعارف وإن مثل هذه الكتب لا يقبل عليها ويصرف أوقاته فيها إلا من تبلد ذهنه أو اختل شعوره فإذا كان التاريخ الإسلامي هو م الفروع المهمة جداً في الآداب الشرقية فإن سائر فروع العلوم كالفقه والنحو (وأكثر مجموعة المسيو كوردمانش منها) ربما لا تقل عنها شأناً لأنها ليست وحدها التي تصور حالة العقل في الرجال الذين أتوا قبل ثلاثة عشر قرناً من الهجرة النبوية وكيف كانوا يفكرون ويذهبون في مذاهب الأمور الذهنية والروحية.

لا جرم أن المشاغل السياسية منذ بضع سنين ولاسيما منذ قتال موكدن قد قلبت الأفكار الإسلامية ظهراً لبطن وأخذ رجال الإسلام يزينون لأبناء دينهم الرجوع إلى الدروس التي انغمس فيها أجدادهم بحيث كادوا يغرقون وتعزوا عن الخيبة التي نالتهم بما قرأوا فيها من الأفكار على أن النظر الصحيح يقضي بأن المهندسين الذين مدوا في بادية بلاد العرب خطوط السكة الحديدية من دمشق إلى المدينة قد أتوا بعمل أنفع مما أتى الزمخشري وجميع شراح الكافية لابن الحاجب. إلا أن الأفكار الحديثة توشك أن تؤدي بالإسلام إلى طرق مخالفة للطرق التي سار عليها إلى أوائل القرن الرابع عشر من الهجرة ويمكن أن يكون المجتمع الإسلامي بعد مائة وخمسين سنة وأعني به الجيل المفكر المهذب من المسلمين مخالفاً للمجتمع الذي عاش على عهد عبد الحميد خان الغازي وناصر الدين شاه قاجار كما نختلف نحن معاشر الفرنسيس اليوم عن أجدادنا زمن لويس الخامس عشر وربما كان اختلاف المسلمين أكثر.

كان المسلمون الذين عاشوا في بلاد ما وراء النهر إلى أواخر القرون الوسطى على عهد أخلاف تيمورلنك قد ورثوا التمدن اليوناني وبلغوا بالعلوم إلى درجة عجيبة من الكمال ثم لم يلبثوا أن ضعف أمرهم وتخلوا عن هذا التراث العلمي وانصرفوا جملة إلى الفقه والنحو فكان ذلك مبدأ سقوط الأمم الإسلامية.

ومهما كانت الطرق التي سيجري عليها أهل الإسلام في ظل العلم والدستور اليوم فإنهم ولا جرم يخالفون المسلمين الذين عاشوا في ظل الاستبداد كل المخالفة ولا يتأتى الآن الوقوف على فكر العالم الإسلامي قبل مضي زمن وتصفح الكتب التي يستخدمونها في تعليم ناشئتهم وطريقة الرجال الذين عاشوا على عهد الخلافة الدينية أو خلافه السلاطين الذين حلوا محل خلفاء بغداد وهكذا فإن هذه الكتب التي تشهد بفضل مؤلفيها وبعنايتهم الفائقة التي بذلوها في