فوجدت جيوبه أخلى من جيوب دونلسون وعندئذ أخذني دوار شديد شعرت معه أن كل ما في الغرفة يتحرك ويضطرب واستلقيت على المقعد وقد خارت قواي ولحسن الحظ لم يشعر أصدقائي بما آلت إليه حالتي من الضعف والوهن، وقبل أن يبدأ دونلسون بالكلام كنت شفيت من هذا الدوار.
فقال لي دونيلسون بصوت أبح ضح حداً لهذه الوقاحة، ها هنا مدعو لم تهنه بعد لأنك لم تبلغ درجة من القحة تأمره فيها بنزع ثيابه.
وعندما أتم دونلسون جملته نهض كراب وكان حتى الساعة جالساً على كرسيه بسكينة تامة يدخن سيكارته فيتصاعد منها الدخان كما يتصاعد من مدخنة المعمل.
فوضع لفافته. . . وإنني لا أزال أذكر كيف كان يمر يده على المنضدة ليجد المنفضة ولم يبد عليه أقل انزعاج ثم قال بصوت منخفض أنا عالم ماذا يراد مني ولحسن الحظ أن ذلك سهل جداً عليّ لأنني أعمى.
وحين قال هذه الكلمات بدأ بنزع ثيابه فآلمني هذا المنظر وأخذتني الشفقة على ذلك المسكين وكنت مزمعاً أن أمنعه من ذلك ولكن أمارات الاستهزاء التي بدت على وجه دونيلسون وماتيو وافتكاري بالسرقة هيجا غضبي فغلى الدم في عروقي وعوضاً أن أمانع كراب أوعزت إليه بالإسراع.
وفي بضع دقائق كنت قد فتشت جميع أثوابه، ولكن جميع التنقيب الذي أجريته لم يجدني شيئاً وظلت الماسة مفقودة ويصعب عليّ أن أقول أنني كنت آمل أن أجدها مع كراب ولكنني انخذلت ثالثة.
وفي هذه المرة سمعت صوت دونلسون وهو يقول بلهجة كئيب:
والآن فإنك قد اكتفيت من إهانتنا ففتش تحت المنضدة عساك ترى شيئاً.
ولم يكن هذا الفكر قد خطر لي قبلاً، فشعرت بحمرة الخجل تعلو جبهتي وأومض لي في ظلمات اليأس برق من الرجاء.
وحين أرجعت المنضدة قليلاً كي لا تعيقني في عملي وانحنيت على البساط محدقاً فيه كنت أفكر بأي طريقة أعتذر لأصدقائي إذ كان من المحتمل أن أكون أنا ذاتي قلبت الماسة على الأرض حين التفت لأضغط الزر، ولكن يا للأسف فإنني لم أكد أرسل نظرة إلى ذاك