للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبك قارة وهما أعدل مكانين في تلك الديار حتى يضرب المثل بجودة هوائهما ومائهما وقد لهجت بهما الشعراء كثيراً قال بعضهم:

إذا هاجت الرمضاء ذكراك بردت ... حشاي كأني بين قارة والنبك

وإلى الشمال الشرقي من النبك دير عطية وقال الحافظ أبو القاسم ومعلولا إقليم من نواحي دمشق له قرى وقال ياقوت في منين: قرية في جبل سنير من أعمال الشام وقيل من أعمال دمشق منها الشيخ صالح أبو بكر محمد بن رزق الله بن عبيد الله قال ياقوت وكان من ثقات المسلمين ولم يكن بالشام من يكنى بأبي بكر غيره خوفاً من المصريين (الشيعة) توفي سنة ٤٢٦.

فاهم بلاد الجبل يبرود وكانت هي والنبك من أمهات بعد مملكة صوبه أو صوباالقديمة وهذه المملكة كانت في شمالي سورية تمتد من شمالي لبنان الشرقي نحو حمص وحماة وحلب وهي قاعدة لجبل ولا يقل سكانها عن عشرة آلاف ثلثهم مسيحيون والثلثان مسلمون وتكاد تكون أشبه بالمدن منها بالقرى لتوفر مرافق الحياة فيها وكثرة سكانها صلاتهم التجارية مع دمشق وبيروت وحمص وحماة وبعلبك ولوفرة المهاجرين منها إلى أميركا ويبلغ عددهم نحو ألف رجل ومنهم الذين اغتنوا وفي يبرود عدة مدارس للمسيحيين على اختلاف مذاهبهم منها مدرسة للروم والكاثوليك أنشأها أحد أحبارهم منذ زهاء عشر سنين فوهبها ثلثمائة ليرة من ماله وفرض على أبناء طائفته أن يشتغلوا فيها بأيديهم أيام الآحاد والأعياد فجاءت مدرسة كلفت زهاء ألف وخمسمائة ليرة وقد اشتغل بعضهم بنقل التراب وآخر يجلب الحجر وغيره بالبناء، وبأمثال هذه المدارس أصبح المسيحيون أرقى من جيرانهم المسلمين لأن الأول يتعلمون والآخرين مهملون وكانت الحكومة البائدة تزيدهم خبالاً إلى خبالهم وليس لهم من أهل الرأي والعلم من يشفق عليهم ويسعى إلى ترقيتهم ترقية حقيقية كما هو حال مواطنيهم.

أقول هذا ولا نكران للحق أن ارتقاء المسيحيين عن المسلمين ماثل على أشد صوره في هذا الجبل وكيف لا يكون كذلك والارساليات الدينية من الروس والانكليز والفرنسيس لم تكد تترك قرية إلا وأقامت فيها مدرسة لتثقيف عقول أبنائها على مناحيها بل أن جمع دينية أقامت لها مستشفى في دير عطية البلد الثاني في الجبل بكثرة سكانه واستئجار عمرانه.