ورب قائل يقول أن هذا الانقلاب أي انقلاب الدولة الأموية إلى عباسية لم تكن نتيجته كلها كما يريد أولئك الأقوام المغلوبون للعرب إذ دولة الأمويين عربية قرشية ودولة العباسيين ليست كذلك.
الجواب على هذا يأتي من وجهين، الوجه الأول، إن أمم المشرق لذلك العهد قلما كانت تقدر قيمة الحرية الكاملة لفنائها في وجود زعماء الاجتماع الشرقي أو كما قال مونتسكيو أن أمم آسيا لم يكن ميلهم إلى الحرية كميل أمم أوروبا إليها اليوم أي لعهده ٤ ليحملهم على الخروج من الأسر والاستعباد وإنما كان ميلهم إلى تغيير الملك ولا صبر لهم على بقائه طويلاً.
وسواء صحت هذه النظرية أو لم تصح فإنه يجوز لنا تطبيقها على الأمم التي دخلت تحت حكم العرب لذلك العهد باعتبار أن الإسلام جمع بينهم جميعاً فلا فرق عند الفرس وغيرهم أن يكون الخليفة أو الملك عربياً أو غير عربي ما دام الملك آئلاً إلى غير الدولة التي نقموا منها وما دام مصير أكثر السلطة إليهم بعد فل حد العصبية العربية التي كان قائمة في دولة الأمويين متسلطة بقوتها على كل شيء.
وقد كان ما أرادوه بقيام الدولة العباسية التي لم يكن لها من العربية إلا الاسم وهي مصطبغة بالصبغة الأعجمية مشتبكة مع العناصر الأخرى بالنسب والصهر مشاركة لهم بمصالح الدولة.
هذا الوجه الأول أما الوجه الثاني فانتظار النتيجة الطبيعية لمثل هذا الانقلاب ولوفي المستقبل البعيد وتلك النتيجة هي أن اصطباغ الدولة أو الأمة السائدة بصبغة أهل البلاد يحيلها مع الزمن إلى عنصر هذه الصبغة والعكس بالعكس إذ من الشعوب من اصطبغوا بصبغة العرب بعد الفتح فاندمجوا فيهم ومن الشعوب من اصطبغ العرب بصبغتهم فاندمج هؤلاء فيهم وهذا ما وقع لسكان آسيا الوسطى بعد قيام الدولة العباسية ثم سقوطها وقيام غيرها من الحكومات الوطنية على أنقاضها وهكذا رأينا دولة الفرس وغيرها من الدول الإسلامية ديناً المختلفة جنساً قد عادت إلى أصلها وهي قائمة إلى الآن وستبقى قائمة عزيزة الجانب منيعة الجناب إلى الأبد إن شاء الله.
وهكذا نرى الخلافة الإسلامية التي من أجلها أو باسمها تلك الدماء الغزيرة صارت إلى غير