للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قمم بعضها ٣٠٠٠ متر عن سطح البحر ممتدة عَلَى ول البحر الأحمر وتنتهي عَلَى خط عمودي من البحر بأرصفة متتابعة وهناك اسناد تشقها أودية لا ماء فيها تطيل مسافة هذه الأرصفة والأودية فبعد أن تتجه تارة اتجاهاً عمودياً نحو الصخور الجبلية تكون طوراً متآزية ثم ينقطع أثرها في البادية. وتختلف سعة هذه الأودية اختلافاً كثيراً فتكون واطئة أحياناً بحيث يبلغ علوها في بعض الأماكن زهاءَ مئة متر.

وفي سفح هذه الاسناد يسير الخط الحديدي إلى المدينة مجتازاً ما أمكن الأودية المختلفة التي تكاد تكون وجهتها متآزية. وبذلك تيسر الاقتصاد في نفقات بناء الخط إلى أقصى ما يمكن.

ولقد قلنا آنفاً أنه ما عدا محطات معان وذات الحج وتبوك والأخضر والعلا فليس من ماءٍ في تلك الأصقاع بل أنك ترى الأودية إلا في بعض أحوال نادرة جافة حتى في موسم المطر. وموسم نزول الأمطار في تلك الأصقاع يكون في شهر تشرين الثاني وشباط وآذار ومن النادر أن تهطل في شهري كانون الأول وكانون الثاني والمطر يبقى في المكان الذي يهطل فيه حتى في أشهر المطر فبعض الأنحاء لا يبلغها الماء على حين يصل منه إلى غيرها كميات كبيرة تجري في الأودية فتغرقها ولطالما كانت سبب انقطاع المجاري في خلال إنشاء السكة الحديدية ومناخ هذه الأصقاع العالية جيد جداً ولجفاف الهواء تبلغ درجة الحرارة ٥٥ في أشهر القيظ إلا أنه مما يحتمل لما يعدله من الريح البليل الذي يهب في تلك الأرجاء طول السنة لا يصعب احتمال هذا الهواء إلا في الأودية المحصورة جداً مثل التي في جوار العلا حيث تكون سبباً لانتشار الحميات وتنزل درجة الحرارة في الشتاء إلى ٤ أو ٥ ومن النادر أن تنزل إلى الصفر. وأهم الاحتياطات التي يجب اتخاذها التوقي من اختلاف درجة الحرارة بين النهار والليل.

وبعد أن يخرج الخط الحديدي من معان يعود فيدخل في إقليم قفر يشبه الذي اجتازه في الشمال فتتخلله أودية كثيرة قليلة العمق. وقد اقتضى لقطعها إنشاء مجار من الحجر أما تربتها فقاسية جداً وهي قاحلة ومملوءة بالحجارة.

وبعد أن يقطع الخط الحديدي في بطن الغول على ستين كيلو متراً من معان قمة جبل يبلغ ارتفاعها ١١٦٨ متراً عن سطح البحر يعود فيهبط نحو ذات الحج سائراً في وادي رتم