وموت بعض لحياة كلّ وافتقار مئات لإغناء أفراد وشقاء ربوات لسعادة عشرات وتعب فريق لراحة أمة فتمثل لي عجيب صنع المولى في خلقه سبحانه لا يبقى العالم عَلَى حال هو المعز المذل القابض الباسط المغني المفقر يقلب الأرض ومن عليها ولا يرثها إلا عباده الصالحون.
سارت بنا مطيتانا فاجتزنا قرية برزة ومعربا ولم تشرق الشمس إلا وقد قطعنا أراضي معربا وأشرفنا على أكماتها فالتفتنا إلى ما وراءها وقد تحلت لنا بعض بقاع الغوطة والمرج من خلف الجبال فألقينا عليها نظرة الوداع وأغذذنا السير إلى بسيمة ومنها إلى دير مقرن فكفير الزيت فدير قانون فكفر العواميد وفي هذه القرية بتنا ليلة عيد الفطر.
ولم أشهد هذا الوادي وكنت مررت به راكباً منذ ستة عشر عاماً شيئاً من التغير والإرتقاء المحسوس فالفلاح فيه لا يزال ينتظر موسم الفاكهة إن سلمت أشجاره من لفحات الجليد يرتاش تلك السنة ويعتاش برمانه وجوزه وتفاحه وكمثراه وتينه وعنبه وإلا فيضطر في الأكثر إلى الاستدانة عَلَى الموسم المقبل وإن كان على شيء من القوة والجلد يرحل إلى بعض الكور المجاورة كقرى وادي العجم أو الغوطة يعمل فيها أشهر الصيف ليأتي في الشتاء بمؤونة تكفيه من الحنطة في كنه وكانونه.
نوذلك لأن هذا الوادي منذ قرية دمر حتى سوق وادي بردى لا يغل من الحبوب ما يسد عوز سكانه بعض السنة لغلبة اليبوسة على جروده وجباله ولأن أكثر تربته صخرية تحتاج للعمل الكثير على الطرق الزراعية الحديثة لتأتي أكلها. أما الأشجار وبعض الخضر والبقول التي ينتفع بها الفلاح هنا فالفضل لنهر بردى في إروائها يأخذ من مائه في مجار يعليها بقدر حاجته أو أكثر.
ولقد أخذت أثمان الفواكه تأتي بأرباح أكثر من السنين السابقة خصوصاً منذ استثمار السكك الحديدية في سورية كسكة بيروت_دمشق_حوران وسكة دمشق_حيفا_المدينة وسكة دمشق_حلب_بيره جك ٠ (البيرة) فأصبحت ثمارهم تصدر إلى الجهات القاصية وكانوا يقدمون أكثرها في سني الخير علفاً للدواب أو يلقونها في الطريق لأن العطلة في نقلها من محلها إلى دمشق أو بيروت مثلاً على الدواب لا تقوم بأجرة المكار ودابته.
نعم لم أر ارتقاء محسوساً في حالة فلاح وادي بردى وأني يتم له ارتقاء وليس له طريق