رب إليك المفزع، وفيك الرجاء، ومنك الهداية، فاحلل اللهم عقدة من لساني، وعلمني بالقلم ما لا أعلم، كما علمت عبادك المخلصين، واهدني صراطك المستقيم.
وبعد فهذه نشرة تصدر على رأس كل شهر عربي تقتبس ما تتمثل فيه فائدة صالحة من كلام الثقات الأثبات من مشارقة ومغاربة ومحدثين. وقد سُميت المقتبس ولكل شيء من اسمه نصيب. وستتنكب في مسطورها مذاهب المذاهب والنحل، وتتجافى عن طرق طرق السياسات والدول، حتى تصفو مواردها من النزعات والنزغات، ولا يستهويها في جانب ما تعتقده الحق وازع ولا منازع. تتمحض للعلم المحض فلا يتحرج من تلاوتها الموافق والمخالف، ولا يتبرم بها العارف والعازف، وتنطلق في الفكر، وتتجوز في الاقتباس والنشر، وتدرج في مطاويها، ما يوافق أغراضها ومغازيها.
فليتفضل من أوتوا حظاً من العلم فكان همهم نفع الإنسان من حيث هو إنسان، وخدمة المعارف لأنها مشاعة في الأمم نافعة للعمران، ويمنوا عليها من فيض قرائحهم وثمرات أبحاثهم بما تتألف منه ندوة علمية حافلة بالمطالب الممتعة الموجزة، ومجلس علم يختلف إليه العالم والمتعلم فيعود كل منهما ببغيته منه، ومعرض حكمة تعرض في أصونته ما يلائم أذواق أهل كل جيل وأفق من ضروب البضائع والأعلاق، وديوان إخوان تسوده أقلام المنوّرين والمفكرين، وتقرهم عليه طائفة العالمين والعاملين.
والله المسؤول أن يربأ بهذا المقتبس عن أن يكون جعبة مشاغبة وأهواء، وصحيفة تبجح ورياء، وأن يبرئه من آفات التطويل والتكرار، ويدفع عنه عوادي المعايب والمعاير، ويجعله خير ذخر إذا الصحف نشرت، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه سبحانه وسعدانه.