للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الجديد إذا ما زيد في خلق ... تبين الناس أن الثوب مرقوع

وارتصد لكتابك فراغ قلبك وساعة نشاطك فنجد ما يمتنع عليك بالكد والتكلف لأن سماحة النفس بمكنونها وجود الأذهان بمخزونها إنما هو مع الشهوة المفرطة في الشر والمحبة الغالبة فيه أو الغضب الباعث منه ذلك، قيل لبعضهم لم لا تقول الشعر قال: كيف أقوله وأنا لا أغضب ولا أطرب، وهذا كله إن جريت من البلاغة على عرق وظهرت منها على حظ فأما إن كانت غير مناسبة لطبعك ولا واقعة شهوتك عليها فلا تنضي مطيتك في التماسها ولا تتعب بدنك في ابتغائها واصرف عنانك عنها ولا تطمع فيها باستعارتك ألفاظ الناس وكلامهم فإن ذلك غير مثمر لك ولا مجد عليك ومن كان مرجعها فيها إلى اغتصاب ألفاظ من تقدم والاستضاءة بكوكب من سبقه وسحب ذيل حلة غيره ولم يكن معه أداة تولد له من بنات قلبه ونتائج ذهنه الكلام الحر والمعنى الجزل فلم يكن من الصناعة في عير ولا نفير.

على أن كلام العظماء المطبوعين ودرس رسائل المتقدمين على كل حال مما يفتق اللسان ويوسع المنطق ويشحذ الطبع ويستثير كوامنه أن كانت فيه سجية قال العتابي: ما رأينا فيما تصرفنا فيه من فنون العلم وجرينا فيه من صنوف الآداب شيئاً أصعب مراماً ولا أوعر مسلكاً ولا أدل على نقص الرجال ورجاحتهم وأصالة الرأي وحسن التمييز منه واختياره من الصناعة التي خطبتها والمعنى الذي طلبته وليس شيء أصعب من اختيار الألفاظ وقصدك بها إلى موضعها لأن اللفظة تكون أخت اللفظة وقسيمتها في الفصاحة والحسن ولا يحسن في مكان غيرها وبتمييز هذه المعاني ومناسبة طبائع جها بذتها ومشاكلة أرواحهم جعلوا الكتابة نسباً وقرابة وأوجبوا على أهلها حفظها.

سهل بن وهب: الكتابة نفس واحدة تجزأت في أبدان مفترقة ومن لم يعرف فضلها وجهل أهلها وتعدى بهم رتبتهم التي وصفهم الله بها فإنه ليس من الإنسانية في شيءٍ، قالت البرامكة: رسائل المرء في كتبه دليل على عقله وشاهد على غيبه قال الشاعر:

وتنكرو دا لمرء في لحظ عينه ... وتعرف عقل المرء حين تكاتبه

آخر:

وشعر الفتى يبدي غريزة طبعه ... وبالكتب يبدو عقله وبلاغته

الشعبي: يعرف عقل الرجل إذا كتب وأجاب، العتبي: عقول الناس مدونة في كتبهم، ابن