للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في جبلق: جابلق قد أوضح المولى سعد الدين البلدين وعرَّف بهما وذكر معناهما على الوجه الأكمل في بحث المثال في شرح المقاصد. ذكر ذلك الشهاب في شفاء الغليل. . . . أهـ قلتُ أنا: لم أرَ شيئاً في شفاء الغليل المطبوع في مصر مما ذكره صاحب التاج. نعم إنه تكلم عن البلدين إلا أنه لم ينطق بكلمة بخصوص المولى سعد الدين. فاحفظه. وأما شرح المقاصد لسعد الدين فهو وإن كان يبدي إلا أنه لما كان خالياً من فهرس مرتب يهديني وحياً إلى مطلبي لم أتمكن من العثور على البحث المذكور فرجعت عنه بما رجع به حنين.

وكفانا تتبعاً لأقوال الكتبة إذ اجتزأنا بذكره وفاء بالمقصود لا سيما أن الجميع يكررون أقوال بعضهم عن بعضٍ والنتيجة واحدة. والذي يستخلص مما تقدَّم بعد طرح الزوائد الدخيلة التي جاء بها الإسرائيليون ما يأتي:

جابلص آخر البلاد المعمورة من جهة المغرب على ما كان يظنه أبناء ذلك الزمان وجابلق آخر البلاد من المشرق وجابلق تاور بلاد ياجوج وماجوج. وجابلص في أقصى المغرب وأقصى المغرب كان ينتهي في عرف الأقدمين عند بحر الظلمات في نحو الجزائر الخالدات أو في ما يسامتها. وعليه فيجب علينا أن نبحث عن جابلق أو جابلقا في ما يجاور بلاد ياجوج وماجوج ونبحث عن جابلص في ما ينتهي عند بحر الظلمات. وأول كل شيء نحتاج إليه في البحث عن ضالتنا أن ننظر إلى الكلمة ونتفحصها لنعرف مأتاها. والحال أن العلماء قد أتفقت على أن اللفظة ليست بعربية ورجحوا كونها فارسية. لأنهم يقولون أن الجيم والقاف أو الجيم والصاد لا يجتمعان في لفظة عربية وإذا وجدتا فيهما يدلان على أن الكلمة أعجمية أو فارسية. فإذا تقرر أنها فارسية يتضح لك أن وجود جا في صدر كلا الحرفين يدل على أن اللفظة مركبة وأن جا تعين معنى يصح أن يقع على الكلمتين. وهو أمر لا ريب فيه فإن جا حرف فارسيّ معناه المحل والمكان والمقام. أو كما يقول العرب الدار التي وردت بمعناها الأصلي الحقيقي وبمعنى البلد والمدينة. لأن أول ما تنشأ عليه المدينة تكون داراً ثم تبتنى دور أخرى بجانبها حتى تقوم منها البلد أو المدينة. فقد قالوا دار السلام ودار الإسلام ودار السعادة ودار الحرب إلى آخر ما هناك. وأما بلقا أو بُلقا فيجب أن تكون اسم مدينةٍ في آخر البلاد المعمورة من جهة الشرق مما يجاور بلاد يأجوج ومأجوج وهذا ما يصدق على بلدة بلقا وبالإفرنجة وهو اسم نهر عرفه العرب أيضاً