الأشعري بالكوفة وكتب له كتابه المشهور الذي تدور عليه أحكام القضاة وهي مستوفاة وفيه يقول:
أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لانفاذ له واسٍ بين الناس في وجهك وعدلك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما بيس في كتاب ولا سنة ثم اعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور بنظائرها واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهي إليه فإن أحضر بينة أخذت له بحقه وإلا استحللت القضية عليه فإن ذلك أنفى للشك وأجلى للعماءِ. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد أو مجرباً عليه شهادة زور أو ظنيناً في نسب أو ولاء فإن الله سبحانه عفى عن الإيمان ودرأ بالبينات وإياك والقلق والضجر والتأفف بالخصوم فإن استقرار الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذكر والسلام.
القضاء في الدولة العثمانية
٣
كان السلطان عثمان الغازي مؤسس هذه الدولة ورعاً ديناً يستخدم قضاةً وحكاماً للنظر في الأمور الشرعية والقيام بأحكامها ولما تولى الملك ابنه أورخان الغازي طلب من الشيخ علاء الدين الأسودي رجلاً يقوم بمصالح الناس الشرعية في أسفاره فأوصاه بقره خليل أفندي جنوره لي فاتخذه قاضياً لبروسة عاصمة ملكه ثم جعله قاضياً على العسكر وخصه بأمورهم ولما آنس منه اختباراً في السياسة استوزره وسماه خير الدين باشا ونصب رستم أفندي مكانه قاضياً للعسكر.
وفي زمان السلطان بايزيد الأول تولى العالم محمد شمس الدين أفندي منصب الفتيا في قاعدة السلطنة للنظر في الأمور الشرعية وجمعها في مركز واحد فأصبح المفتي ناظراً عاماً عَلَى جميع العلماءِ والقضاة والمدرسين وقد بدأَ تنظيم مراتب العلماء الحالية ونظامهم