إلى أن قال:
لبست ربى لبنان ثوباً اخضراً ... وزهت بحيث الحسن أحمر قان
نشر الربيع بهن زهراً مونقاً ... يزري بنظم قلائد العقيان
فبرزن من وشي الطبيعة بالحلى ... فكأنهن بحسنهن غوان
وكأن صنيناً أطل مراقباً ... يرنو لهن بمقلة الغيران
تلك الربى أما الجما فواحد ... فيها وأما أهلها فاثنان
رجل يسير إلى النجاح وآخر ... يسعى وغايتهإلى الخسران
متخاذلين بها وهم اعوانها ... ومن البلاء تخاذل الأعوان
ضعفت مباني كل أمر عندهم ... ما بين هادمها وبين الباني
وتفرقوا دنيا كأن لم يكفهم ... في النائبات تفرق الأديان
وسعوا فرادى للنجاح وفاتهم ... أن التضامن رائد العمران
وقال من قصيدة حول البوسفور:
سفوح جبال بعضها فوق بعضها ... مكللة حافاتهن بأشجار
يروق بجنبيها خرير مياهها ... ويشجي بقطريها ترنم أطيار
ويجري النسيم الرطب فيها كأنه ... تبختر بيضاء الترائب معطار
معاهد زرها في الهواجر تلقها ... موشحة فيها برقة أسحار
نزلنا بها والشمس من فوق أرسلت ... على منحنى الوادي ذوائب أنوار
وقد ظل من بين الغصون شعاعها ... يوقع ديناراً لنا جنب دينار
كأن التفاف الدوح والنور بينها ... جيوب من الأنوار زرت بأزرار
تميل إذا هبَّ النسيم غصونها ... فتأتي بظل في الجوانب موار
ترانا إذا ما الطير في الدوح غردت ... تميل بأسماع إليها وأبصار
وقال من قصيدة في التربية بعد أن شاهد مسرح الحيوانات في بيروت:
كأنما الليث لم يخلق أخا ظفر ... محدد الناب قذافاً إلى العطب
شاهدته مشهداً بدعاً علمت به ... أن الغرائز لم تطبع عَلى شغب
وإن خبث البرايا في طبائعها ... لا بد فيه سوى الأطباع من سبب