كان البشر منذ عرف التاريخ يسيحون في الأرض إلا أن سياحاتهم الأولى كانت للغارة والفتح فلما ارتقوا قليلاً في سلم التمدن صارت السياحات للعلم والاتجار ولما أوغلوا في المدنية صارت أكثر الرحلات لحفظ الصحة. ومنذ تسلط الإنسان على المملكة الحيوانية بعد أن كان في عهده الأول يألف البحيرات ويسكن المغاور والغابات مازال معروفاً بميله إلى الرحلة ونزوعه إلى التنقل فطرة فيه يتنقل كما تتنقل بعض الحيوانات والطيور ثم تعود أدراجها إلى كهوفها وأوكارها محافظة على طريقها الأول. ولم تكن السياحة في هذا القطر مثلاً ضرورية لأبنائه ونزلائه قبل ثلاثين سنة كما هي اليوم وقد زادت مرافق الحياة واتخذت أسباب تحسين الهواء وأقيمت المعالم النافعة لأن مشاغل الحياة ومتاعب المجتمع كانت أقل من الآن وأطعمة تلك الأيام وأشربتها كانت إلى البساطة أقرب وطرق العيش كانت إلى السلامة. فالعيش اليوم في مصر أشبه بالعيش في لندن وباريس مع أن الطريقة القديمة كانت ملائمة لهواء البلاد أكثر. وشتان بين طبيعة غربي أوربا وشرقي إفريقية.
وقد ارتأى أحد أطباء الإفرنج في هذه العاصمة أن خير طريقة يلجأ إليها من لا يستطيعون مغادرة هذه البلاد في الصيف أن لا يفرطوا في شيء أصلاً ويعيشوا هادئين ويخففوا من العمل ومن الطعام فيتناول المرء في الصباح والمساء طعاماً لطيفاً ولا يأكل عند الظهر ما تتعب المعدة بهضمه بل يتناول قدحاً من الشاي وشيئاً مما يقال له التملق (عصرونية) وأن يعتدل جداً في تناول الأشربة الروحية أو يمتنع عنها كل الامتناع وهو الأسلم ويستحم في النهار والليل بالماء البارد مرتين أو ثلاثة ولاسيما في منتصف الليل ليستريح الجسم من وعثاء التعب وبرحاء القيظ والحر. قال والسياحة ضرورية لمن لم يولد في هذه البلاد ريثما يكون من أبناء أبنائه من يألفون إقليم البلاد أما المصري فإن السياحة تكسبه صحة وتجعل فيه قوة ومضاء وتفيد من حيث الاطلاع على معالم الحضارة وآثار العلم والتهذيب.
طول الأعمار
شغل هذا الموضوع بال الباحثين من العلماء ومن رأي أحد حذاق الأطباء العارفين بعلم الحياة أن العمر يطول مدة تبلغ ست أو سبع مرات من المدة التي يقضيها الحيوان ليستكمل نموه ويبلغ أشده فالقط ينمو في ١٨ شهراً ولذلك كان معدل حياته من ١٠ إلى ١٢ سنة