للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهناك اعتراض آخر وهو أن المؤلف قال إن كتابة عبارة عن سلسلة رسائل غير سياسية والناظر فيها تتجلى له السياسة من أعطافها وأطرافها لأول وهلة. ويرد هذا الاعتراض بما هو معروف عن المسيو هرتمن من عدم التحزب لفئة وأنه يحاول أن ينصف الكل فهو لا يبغض أحداً ويرمي إلى أن تعمل كل أمة وكل جماعة وكل شخص في خدمة المدنية والحضارة ما ساعدتها أسبابها. فقد رأَيناه يأسف عندما يرى العنصر الإسلامي وهو ممن يحبه لا يسير إلى هذا الغرض لأن الجمع بين الشريعة وبين مطالب الحياة الحديثة لا يخلو من تناقض. وهو يرى أن فكر الارتجاع في الأستانة والمدن الكبرى في الولايات غير موجود ولكن إذا انقضت أيام السياسة الحميدية فإن نتائجها ما انقضت.

قالت المجلة ولو قلنا في العام الماضي أن عَلَى الحكومة العثمانية إذا أرادت الاستمتاع بالبذور التي يحويها القانون الأساسي في مضاويه أن تربي الأمة تربية دستورية ديمقراطية فهذا مما تشتد حاجتها إليه. أَيد المسيو هرتمن هذا الرأُي فقال أن الانقلاب العثماني لا يشبه الانقلاب الفرنسوي فقد كانت الأمة في فرنسا تتبع القائمين بالثورة متحمسة وتشاركهم في آرائهم أما الشعب العثماني فلا يزال عَلَى آرائه القديمة ولذلك أراده المؤلف أن يرجع عنها وأقسم عليه أن ينظر للأمور نظراً صحيحاً لأن ارتفاع كلمة العثمانية معلق عَلَى اعتدالهم ويمكن أن يكون للنساء العثمانيات عمل عظيم في النهضة الوطنية.

وقد درس المسيو هرتمن حالة الاتحاديين السياسية في سلانيك ولا سيما تأْثيرات طائفة الدنمة وفيها وهم شعب إسرائيلي دا ـ بالإسلام. وجاءَ الأستانة يبحث عن كل شيء من سياسة ودين وأدب وصحافة وحياة اجتماعية وعقلية واقتصادية. وانتقد الإسلام انتقاداً شديداً فقال أنه يراه عقبة في سبيل الإصلاح فلا رجاءَ معه لتنظيم الإدارة. والطرق الدينية في الإسلام تختلف عن الطرق الدينية في النصرانية لأن لها تأْثيراً سيئاً وأن ما يظهر من أمرها يفسد الدين ويقلل من اعتباره. فأهل الطرق البكداشية والملامية والمولوية والنقشبندية والقادرية على اختلاف أسمائهم. هم خطر عَلَى الأمة مهما كانت مكانتهم وإن اتفقوا مع أهل التربية الحديثة من العثمانيين وهؤلاءِ ملاحدة يعرفون كيف يتظاهرون بالدين واحترام الشريعة. ورجال الدين عَلَى الجملة هم قوة عاملة محترمة وإن قلَّ التسامح فيهم.