اللغة الوطنية وازدياد صلات الشرق مع أمم الغرب ودخول الأفكار الفرنسوية وتأييد الحكم الفرنسوي على الجزائر وتونس ولا سيما إنشاء صحافة عربية حذا فيها أهلها حذو الصحافة الأوروبية كل ذلك مما دعا إلى تحول اللغة.
وذلك أن الصحافة هي التي أحدثت اللغة العربية الحديثة في الجملة وهي تختلف عن لغة القرآن كما تختلف عن لغة الروماييك عن اللغة الرومية القديمة هكذا قال المسيو واشنطون سرويس الملحق بقنصلاتو البلجيك في بيروت منذ ثلاث عشرة سنة في مقدمة كتاب مهم للغاية وضعه في وصف هذه اللغة الحديثة وعلى ما فيه من الأغلاط والنقص القليل فإن هذا الكتاب الذي لم يؤلف على مثاله قد نفع وينفع كثيراً وهو عبارة عن مقدمة عرض فيها المؤلف هذه المسألة على وجه جلي مفصل مشفوعاً بقائمة للصحف التي كانت تنشر إذ ذاك مع تاريخ إنشائها وهي قائمة ثمينة وإن كانت فهارس الرجوع إليها مختصرة وبعض الانموذجات من كلامها تأليفاً كانت أو ترجمة فأتى فيها أولاً على الجرائد ثم على المواد الرسمية ثم على معجم لغوي مفيد وهو وحده يفسر الكلمات المولدة.
ومن رأي المؤلف أن اللغة الحديثة قد نمت في غضون خمسين سنة بسرعة هائلة وهذا النشوء يظهر خاصة من نشوء العربية المحكية أو المكتوبة قبل ظهور الجرائد فقد كانوا يكتفون بأن يأخذوا عن اللغات الأجنبية بعض المفردات الدخيلة اللازمة لهم من دون أن يعدلوا صورتها التعديل اللازم لها في الظاهر.