للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولشدة عناية الحكومة به تنقل من مالها كل سنة أربعة دور تمثيل مبلغاً تستعين به على تحسين حالها فتمنح الأوبرا ثمانمائة ألف فرنك والتياترو الفرنسوية ٢٤٠ ألف فرنك مع الدار وتعطي الأوبرا كوميك ٣٠٠ ألف وتعطي الأودبون ١٠٠ ألف فرنك وفي باريز ٥٣ دار تمثيل كبرى ذهبت إلى أشهرها مثل الأوبرا والتياترو الفرنسوية والأوديون والشاتليه وساره برنارد والفودفيل وغيرها.

فكنت كلما أَلفت اصطلاحاتهم في أحاديثهم وحركاتهم وسكناتهم ومظاهرهم ورقصهم وغناهم تبين لي سر تغالي الغربيين بالتمثيل وأنه حقيقة مدرسة تهذيب وفضيلة عملية ودار سلوى وارتياح أرواح فلا عجب إذا عدوه من أكبر العوامل في نهوضهم وتثقيف مجتمعاتهم وشغفوا بفصوله ولا شغف الشرقي بفضوله وحرص الفرد منهم على ساعاته حرصه على عزيز أوقاته.

أما دور التمثيل فهي قصور فخمة هندسوها على ضخامتها بحيث لا يحرم الحضور على اختلاف درجاتهم من سماع ما يقال على مسارحها ورؤية ما يعرض فيها من المشاهد والمناظر. وكفى بأن دار الأوبرا كلف بناؤها ثلاثين مليون فرنك وذرعها أحد عشر ألف متر. وأقل دار تمثيل تساوي عشرات الألوف وبعضها مئات الألوف من الليرات وإن مما يبهج جوق الموسيقى في الأوبرا وقد حزرته بمائتي شخص وجوق الممثلات والراقصات والممثلين على المسرح وما أظن جمهرته تقل عن خمسمائة.

وإذا عرفت أن الأوبرا تدفع لأحد ممثليها ٢٢٠٠ فرنك كل ليلة أي ١٢٨ ألفاً عن ٦٤ ليلة في السنة وتدفع لغيره من الممثلين رواتب تختلف بين ٨٥ ألفاً إلى ٣٠ ألفاً. وعن كل ليلة يغني فيها كاروزو عشرة آلاف فرنك وتتناول بعض الممثلات أربعة آلاف فرنك في الشهر جاز لنا أن نستقل إعانة الحكومة للأوبرا ونحكم على كثرة دخلها وخرجها.

ولقد كنت أتمثل نفسي في حضرة أعظم فصحاء الأرض وعلماء الاجتماع والنفس ساعة تشتهي إلى مسمعي أصوات الممثلين والممثلات وتنفتق ألسنتهم بكلمات الحكمة والأدب ويشخصون الفضيلة في أبهى مظاهرها كأنك تراها فلا أتمالك من توفير الممثلين والممثلات وإكبار فائدة التمثيل. المدارس لتنشئة الصغار في وقت معين من السن ودور التمثيل مدارس دائمة للصغار والكبار تلقنهم من أيسر السبل حكمة وآداباً وتلقنهم عبرة