دوي الفيافي رابه فكأنه ... أميم وساري الليل للضوء يعود
يعود أي يضجر، وربما قال الغلام لمولاه دعوتني فيقول لا وإنما اعترى مسامعه ذلك لعرض لا أنه سمع صوتاً.
ومن هذا الباب قول تأبط شراً أو قول القائل في كلمة له:
يظل بموماة ويمسي بقفرة ... جحيشاً ويعروري ظهور المهالك
ويسبق وفد الريح من حيث ينتحي ... بمنخرق من شده المتدارك
إذا خاط عينيه كرى النوم لم يزل ... له كانئٌ من قلب شبحان فاتك
ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلة من حد أخضر باتك
إذا هزه في عظم قرن تذللت ... نواجذ أفواه المنايا الضواحك
يرى الأنس وحشي الفلاة ويهتدي ... بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك
(قال الجاحظ): ويدل عَلَى ما قال أبو إسحق من نزولهم في بلاد الوحش وبين الحشرات والسابع ما رواه لنا أبو مسهر عن أعرابي من بني تمتم نزل ناحية الشام فكان لا يعدمه في كل ليلة أن يعضه أو يعض ولده أو بعض حاشيته سبع من السباع أو دابة من دواب الأرض فقال:
تعاورني دين وذلك وغربة ... ومزق جلدي ناب سبع ومخلب
وفي الأرض أحناش وسبع وحارب ... ونحن أسارى وسطها نتقلب
ثم عد في قصيدته ما ينيف عن الثلاثين صنفاً ما بين حيوان وحشرات.