للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي سبق التمدن الإسلامي إلى هناك وأنه رأى جميع أهل التركستان من أهل الإسلام وإذ كان دينهم يحرم التماثيل والصور لم يظفر بكثير منها في الأماكن المطروقة إذ كانت تعبث بها أيدي المتعصبين منهم.

وقال أنه رأى لسوء الحظ أن قد سبقه إلى ارتياد تلك الأصقاع أناس من الألمان والإنكليز واليابان والروس وللغاية نفسها ولكنه وفق إلى أنه اكتشف بين قاشار وكوتشار في نصف الطريق في طومشونك تمثالاً بوذياً صغيراً بين الصناعة اليونانية والبوذية حريٌّ بأن يكون صلة بين الصناعة الشرقية القديمة والغربية وظفر في قاشار تحت أنقاض أحد المعابد في طبقة كثيفة بمخطوطات هندية فأحرز ثلثها بواسطة راهب انقطع في تلك المغاور ووصف تلك البقاع بأنه لا شجر فيها ولا عشب مع أنك تمشي ألوفاً من الكيلومترات اللهم إلا في بعض الواحات. وأكثر تلك الأصقاع جبال شامخة ومنحدرات كثيرة ورمال محرقة فكانت الحرارة في الصيف تصل إلى الأربعين درجة وفي الشتاء إلى الخمس والثلاثين تحت الصفر حتى كان الحبر يجمد في أيدي أعضاء البعثة متى أرادوا أن يقيدوا آثار بعثتهم وقد أخذ أحد أعضاء البعثة صورة طوبوغرافية من خط هذه الرحلة وفوائد فلكية في عدة نقاط وآب بمجموعة من الحشرات والحيوانات تغني المتحف الطبيعي وبصور كثيرة عرضت بالفانوس السحري عَلَى الحضور تلك الليلة حتى لكأنهم ذهبوا بأنفسهم إلى تلك الأصقاع النائية.

هذه المحاضرة الأولى التي تكهرب بها جسمي وتأثرت عواطفي وسمعت بها مهانة أمتي بأذني. والمحاضرة الثانية التي ألقاها المسيو تارديو من كبار السياسيين الفرنسويين وصاحب المقالات الافتتاحية في جريدة الطان في الدولة العثمانية فهو أول أخصائي في سياسة الشرق ولاسيما دولتنا يقلب القلم بين أصابعه كما تشاء حكومته. حضرت خطبة له في مدرسة اللغات الشرقية الحية ألقاها عَلَى طلبة تلك المدرسة العالية ممن يتخرجون الآن ليذهبوا إلى الشرق فيما بعد لخدمة حكومتهم ويكون منهم التراجمة والقناصل والسفراءُ ببيان لم أسمع من العرب ولا من العجم أبلغ منه لم يتمتم ولم يعطس ولم يكرر وقلما رأيت إنساناً درس موضوعه وأعد له المواد التاريخية والمستندات أكثر من ذلك ولكن سياسة المنافع والمصالح كانت تلوح صراحة من خلال كلام الخطيب فكان عجبي بتحامله عَلَى