للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مقدمهم. وكذلك جرى لمحمد باشا القبرصي فلم يظفر بهم.

ومنذ ذاك العهد اعتصموا بجبالهم ونشأ لهم شيءٌ من الاستقلال عن الحكومة وأيقنوا بأنها تخاف بأسهم وتحسب لهم ألف حساب وزاد سوادهم وقوتهم في حوادث الستين وقد هاجر إليهم من لبنان كثير من أبناء مذهبهم فاعتزوا بهم خصوصاً بعد أن ثبت أن الذين أوقدوا نار فتنة النصارى منذ خمسين سنة وانتهت بقتل وصلب مئات من أهل دمشق المسلمين ولم يكدر للدروز خاطر ولم يسأ لوا عما ارتكبوه في تلك الفتنة الأهلية من الفظائع.

وما برحوا يفحشون القتل والسلب والتخريب منذ حادثة الستين لأن الحكومة استعملتهم إذ ذاك واستعملوا لها بواسطة بعض الدول آلة لمقصد تريده على ما يؤكد العارفون. ولقد قتلوا من جند الدولة والأهالي المساكين ما لو أحصي لبلغ مقداره نصف سكان الجبل اليوم. ووقائعهم في قرية أم ولد وقرية الكرك وقرية كحيل والحراك وبصر الحرير وبصرى إسكي شام وجوارها وقرية المليحات ومع عرب المعجل وعرب السرحان وعرب الخريشة وعرب ولد علي وغيرهم مشهورة إلى الآن على الألسن دع عنك نحو عشرين قرية اغتصبها الدروز من الحوارنة في قضاء عاهرة وقضاء السويداء وقضاء صرخد وهي أقضية الجبل اليوم التابعة لمركز اللواء الذي كان أول أمس شيخ سعد فأصبح أمس شيخ مسكين واليوم غدا درعا.

تعم لم يكن سكان جبل الدروز كما قال عارف بأحوالهم منذ أربعين سنة إلا أقل القليل من سكانه فالجهة الجنوبية أي قرى صرخد وجوارها كانت بأيدي المسلمين والمسيحيين من أهالي حوران والقرى الغربية كانت بيد حمولة الزعبية من حوران إلى أن اعتاد أشقياء دروز لبنان وحاصبيا وراشيّا أي وادي التيم وعكا وصفد والقرى المجاورة لدمشق والقنيطرة ومن اعتادوا القتل والنهب وقطع الطريق وتعذرت عليهم الإقامة في بلادهم أن يعتصموا في هذا الجبل فضاقت عليهم قراهم الأصلية فجعلوا الحوارنة عن بلادهم وأصبح جبلهم ملجأ الأشقياء.

أما وقائعهم المشورة فكان أولها سنة ١٢٩٥ شرقية بينهم وبين أهالي بصر الحرير فساقت الدولة إليهم قوة إلى موقع القراصنة ولما لم تحسن الإدارة زاد الدروز جرأة إلى أن كان سنة ١٢٩٧ شرقية وقد هجموا على قريتي الكرك وأم ولد وذبحوا سكانها عن بكرة أبيها