لنفرض للاستعانة على تصور قدر الشمس الهائل وبعدها عنا ولأجل مقابلة المسافات الشاسعة المذكورة أن كرة قطرها قدمان تمثل الشمس فتكون الأرض كحبة حمص صغيرة على بعد ٢٢٠ قدماً وتكون اقرب الثوابت إلينا على بعد تقديره بالتقريب ٨٠٠٠ ميل عن مثال الشمس والمسافة الحقيقية التي بيننا وبين الشمس ٩٢ مليون ميل بالتقريب يصل نورها إلى الأرض في ٨ دقائق و١٩ ثانية.
ويلي الشعرى اليمانية في البعد عدد لا يحصى من النجوم بضعة وعشرون منها يعرف لها اختلاف سنوي والملايين الكثيرة الباقية لا يعرف لها اختلاف سنوي لتناهيها في البعد أو لتوغلها في قلب المجرة أو أقاصيها وتراها بإشعاع نورها وليس بذات جرمها لأن زاوية البصر تتلاشى قبل الوصول إلى أقرب الثوابت بمسافات بعيدة وأقوى النظارات في وقتنا الحاضر لا ترينا قرصاً للثوابت وإذا قيل بأن النور يجتاز عرض المجرة بمدة عشرين ألف أو ثلاثين ألف سنة فبعض السدام على رأي بعض الفلكيين يقتضي لوصول تنوره إلينا سبعمائة ألف سنة وأقوى النظارات لم تحله إلى نجوم مفردة أو عناقيد ومن المحتمل أن يكون مجرة البعيد كالمجرة التي نظامنا الشمسي وعامة الكواكب وأنظمتها منها وفيها على أن الرأي القائل بأن وراء هذه المجرة المحيطة بنا مجرات عديدة مؤلفة من عوالم وأنظمة إلى ما لانهاية لما يتأكد والآلات الحاضرة لا تمكنا من كشف شيء من هذا السر العظيم وقد وجدت خطوط في طيوف بعض السدوم أنور من خطوط الهيدروجين لا تدل على عنصر معروف في الأرض أو في الشمس حتى الآن فمن المحتمل أن يكون ذلك دليلاً على وجود عنصر أبسط أو أوطأ رتبة من الهيدروجين.
هذا في ما جال في الخاطر حداني إليه كوكب نظرائه كاتب تلك الرسالة لاقتفاء أثره واقتباس منار لمه في هذا المسلك الذي قد لا أنجو بسلوكه من العثور فالرجوع إلى ما يدونه علماء العصر أحق والبحث في أنواع العلوم الطبيعية أنور للبصيرة فتكسب المرء قدرة التصرف بالأعمال العظيمة المفيدة فإن أكثر الناس تجهل حقيقة هذا العلم وتتخيل في السماء أموراً سخيفة أشركتها في معتقدها وتسكعت في باطلها وظلت عليها القرون والأحقاب حتى رسخت تلك الأوهام الفاسدة في العقول وانطبعت مزاعم زعمائهم الباطلة