للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثياب الأوربية اليوم من الألفاظ الجاكت البنطلون اللستيك وأُخذ عن الفرس معظم الألفاظ التي تدل على الأطعمة المختلفة والأسلحة والآنية وغيرها.

وابتدأ الدور الثاني للغة العربية وهو دور الفتوح والمدنية الإسلامية باقتباس الألفاظ الدينية والقانونية والإدارية والعلمية وغير ذلك ثم بتعريب كتب اليونان والفرس والهنود فدخل اللغة من الألفاظ مثل الكحالة والصيدلية ثم توسعت في استعمال بعض الألفاظ لأكثر من المعنى الذي وضعت للدلالة عليه مثل مؤمن مسلم صلاة زكاة الحضانة.

حتى إذا تمت الفتوح وأنشأ المسلمون ينظمون البلاد التي خضعت لسلطانهم أخذوا من الفرس والبيزنطيين أصول أوضاعهم السياسية والإدارية والقانونية والعسكرية والمالية فاقتضى لهم تعابير جديدة للدلالة على هذه الوظائف الجديدة فاقتبسوا أكثرها عن الفرس والبيزنطيين مثل الديوان الجامكية البريد نيشان من الفارسية الأسطول الكردوس البطاقة من الرومية واخذوا مفردات عبرية وسريانية عندما ترجمت التوراة والأناجيل مثل قربان جهنم توراة توبة تلميذ يغوث آمين بل أن قواعد النحو نفسها قد دخلها التعديل فأخذت العرب تستعمل الضمائر المستترة للتفنن في التعبير تكثر من استعمال صيغة المجهول وتنسب إلى الروح روحاني وإلى النفس نفساني وتستعمل بعض الصفات في صورة أسماء مثل المائية العامة الخاصة وعلى ذلك العهد سقطت من الاستعمال بعض الألفاظ التي أتى الإسلام على مدلولاتها مثل المربع النشيطة الأتاوة الصرورة.

ولقد ظلت العربية تغتني بمفرداتها الجديدة وتراكيبها الحديثة وتنمو مفرداتها وقواعدها حتى جاء عصر انحطاط المملكة الإسلامية وأخذت تنقسم إلى ممالك مستقلة يحكمها أناس من أصول غير عربية كالمغول والأكراد والأتراك وغيرهم. ففي تلك العصور أصيبت اللغة بما ذهب برونقها الأصلي وأصبحت من التكلف واستعمال الألفاظ الضخمة على جانب من الغلظة والجفاء حتى أن ما كتب من المصنفات على ذاك العهد تصعب قراءته لخلوه من كل فائدة. فهو عهد الألفاظ الرنانة المفخمة والسجع المرصع الذي أعجب به بعضهم وحمل عليه كثيرون وذلك لأن البيان كثيراً ما يضيع لضرورة السجع وإذا ارتضت الأسماع الأسجاع فالفكر ينبو عنها كل النبو.

وفي ذاك العهد دخلت اللغة تلك الاستعارات المفخمة والمبالغات الغريبة حتى أن معظم