للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصارى منها وقدر لهم مدة وشرط لمن أسلم منهم بموضعه على أسباب ارتزاقه ما للمسلمين وعليه ما عليهم وبقي على رأي أهل ملته فأما أن يخرج قبل الأجل الذي أجله وأما أن يكون بعد الأجل في حكم السلطان مستهلك النفس والمال.

ومما ذكره وهو يدل على اتساع ثروة العرب في ترجمة بني وسى بن شاكر محمد وأحمد والحسن من أن محمداً صار بالعلم من وجوه القواد إلى أن غلب الأتراك على الدولة وذهبت دولة أهل خراسان وانتقلت إلى العراق فعلت منزلته واتسع حاله إلى أن كان مدخوله في كل سنة بالحضرة وفارس ودمشق ونحوها نحو أربعمائة ألف دينار ومدخول أحمد أخيه نحو سبعين ألف دينار. فتأمل مبلغ هذه الثروة.

ومما نقتبسه من هذا الكتاب أنموذجاً على درجة الحضارة في القرن الخامس ما نقله من كتاب كتبه المختار بن الحسن بن عبدون الحكيم الطبيب البغدادي المعروف بابن بطلان من نصارى كرخ بغداد إلى الرئيس هلال بن الحسن بن إبراهيم ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم. إنا لما اعتقده من خدمة سيدنا السيد الأجل أطال الله بقاءه وكبت أعداءه دانياً وقاصياً وافترضته من طاعته مقيماً وطاعناً وأضمرت عند دواعي حضرته العالية وقد ودعت منها الفضل والسؤدد والمجد والفخر والمحتد أن أتقرب إليها وأجدد ذكرى عندها بالمطالعة مما استطرفه من أخبار البلاد التي أطر قها واستغربه من غرائب الأصقاع التي أسلكها خدمة للكتاب الذي هو تاريخ المحاسن والمفاخر وديوان المعاني والمآثر ليودع أدام الله تمكينه منها ما يراه ويلحق ما يستوقفه ويرضاه وعلى ذكره فما رأيت أحداً بمصر وهذه الأعمال أكثر من الراغب فيه وكل رئيس في هذه الديار متشوق إليه متشوف ولوصوله مترتب متوقع ولو وصلت منه نسخة لبلغ الجانب لها أمنيته في ربحها ونفعها وإلى الله تعالى أرغب في نشر فضيلته الباهرة ومحاسنه الزاهرة بجوده. وكنت خرجت من بغداد وبدأت بلقاء مشايخ البلاد وخواصها واستملاء ما عندهم من آثارها وعجائبها فذكري أخبار مستطرفة وعجائب غريبة واقطاع من الشعر رائقة ولضيق الوقت وسرعةالرسول أضربت عن أكثره واقتصرت على أقله وكنت خرجت على اسم الله تعالى وبركته مستهل شهر رمضان سنة أربعين وأربعمائة مصعداً في نهر عيسى على الأنبار ووصلت إلى الرحبة بعد تسعة عشرة رحلة وهي مدينة طيبة وفيها من أنواع الفواكه ما لا يحصى وبها تسعة