والمشهور أنه مكتوب على قبره:
قد كان صاحب هذا القبر جوهرة ... مكنونة صاغها الرحمن من شرف
عزت فلم تعرف الأيام قيمتها ... فردها غيرة منها إلى الصدف
وقرئ على قبره سبعون مرثية ورثاه نحو ١٨٠ شاعراً.
٤ً_أخلاقه ومعتقده
كان المعري حاد الذهن عصبي المزاج فضاق خلقاً في آخر أيامه لأن العمى يرث الضجر كثرت مصائبه فاختار العزلة وأكثر الشكوى وسوء ظنه بالناس بدليل قوله:
من عاش غير مداج من يعاشره ... أساء عشرة أصحاب وأخدان
كم صاحب يتمنى لو نعيت له ... وإن تشكيت راعاني وفداني
قوله: توحد فإن الله ربك واحد ... ولا رغبن في عشرة الرؤساء
يقل الأذى والعيب في ساحة الفتى ... وإن هو أكدى قلة الجلساء
وكان حر الضمير تدل سريرته على ظاهرته ولذلك قال:
وأردتموني أن أكون مدلساً ... هيهات غيري آثر التدليسا
وربما تظاهر بما ليس من خلقه تلبية لقوانين المعاشرة كقوله:
ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً ... تجاهلت حتى ظن أني جاهل
فوا عجباً كم يدعي الفضل ناقص ... ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل
وكان متواضعاً يمقت الكبرياء فلذلك قال:
دعيت أبا العلاء وذاك مينٌ ... ولكن الصحيح أبو النزول
وبقي نحو ٤٥ سنة منقطعاً عن أكل اللحوم والبيض واللبن مقتصراً على المآكل النباتية لأنه كان يذهب مذهب من تقدمه من الفلاسفة الذين لا يعذبون الحيوانات بالذبح وقال ابن الأنباري: أنه كان برهمياً ولذلك لما وصف له فروج وهو مريض لم يأكله بل خاطبه بقوله: استضعفوك فوصفوك. وإلى ذلك أشار تلميذه أبو الحسن علي بن همام في مرثيته له بقوله:
وإن كنت لم ترق الدماء زهادةً ... فلقد أرقت اليوم من عيني دماً
وكان يذهب مذهب الهنود أيضاً في إحراق جثة الميت كما جرى لسبنسر وكوخ في